وفي كتاب الدعوات لأبي عثمان وقد اختلف العلماء في قوله ينزل الله فسئل أبو حنيفة فقال ينزل بلا كيف وقال بعضهم ينزل نزولا يليق بالربوبية بلا كيف من غير أن يكون نزوله مثل نزول الخلق بالتجلي والتملي لأنه جل جلاله منزه عن أن تكون صفاته مثل صفات الخلق كما كان منزها عن أن تكون ذاته مثل ذات الغير فمجيئه وإتيانه ونزوله على حسب ما يليق بصفاته من غير تشبيه وكيفية انتهى
وأخرج البيهقي من طريق بقية قال حدثنا الأوزاعي عن الزهوي ومكحول قالا امضوا الأحاديث على ما جاءت
ومن طريق الوليد بن مسلم قال سئل الأوزاعي ومالك وسفيان الثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت في التشبيه فقالوا أمروها كما جاءت بلا كيفية
وعن إسحاق بن راهويه يقول دخلت على عبد الله بن طاهر فقال لي ياأبا يعقوب تقول إن الله ينزل كل ليلة فقلت أيها الأمير إن الله بعث إلينا نبيا نقل إلينا عنه أخبارا بها نحلل الدماء وبها نحرم
وبها نحلل الفروج وبها نحرم وبها نبيح الأموال وبها نحرم فإن صح ذا صح ذاك وإن بطل ذا بطل ذاك
قال فأمسك عبد الله انتهى
ملخصا محررا
والحاصل أن هذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها الإيمان بها وإجراؤها على ظاهرها ونفي الكيفية عنها
وقد أطال الكلام في هذه المسألة وأشباهها من أحاديث الصفات حفاظ الإسلام كابن تيمية وبن القيم والذهبي وغيرهم فعليك مطالعة كتبهم والله أعلم
عون المعبود [جزء 13 - صفحة 29 إلى صفحة 32]
فائدة قال الحافظ بن حجر في فتح الباري أخرج أبو القاسم اللالكائي في كتاب السنة عن أم سلمة أنها قالت الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإقرار به إيمان والجحود به كفر
ومن طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سئل كيف استوى على العرش فقال الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول وعلى الله الرسالة وعلى رسوله البلاغ وعلينا التسليم وأخرج البيهقي بسند جيد عن الأوزاعي قال كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله على عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته
وأخرج الثعلبي من وجه آخر عن الأوزاعي أنه سئل عن قوله تعالى ثم استوى على العرش فقال هو كما وصف نفسه
وأخرج البيهقي بسند جيد عن عبد الله بن وهب قال كنا عند مالك فدخل رجل فقال يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استوى فأطرق مالك فأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال الرحمن على العرش استوى كما وصف به نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع وما أراك إلا صاحب بدعة أخرجوه
وفي رواية عن مالك والإقرار به واجب والسؤال عنه بدعة
وأخرج البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي قال كان سفيان الثوري وشعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة لا يحددون ولا يشبهون ويروون هذه الأحاديث ولا يقولون كيف قال أبو داود وهو قولنا
قال البيهقي وعلى هذا مضى أكابرنا
وأسند اللالكائي عن محمد بن الحسن الشيباني قال اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن وبالأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله في صفة الرب من غير تشبيه ولا تفسير فمن فسر شيئا منها وقال بقول جهم فقد خرج عما كان عليه النبي وأصحابه وفارق الجماعة لأنه وصف الرب بصفة لا شيء
ومن طريق الوليد بن مسلم سألت الأوزاعي ومالكا والثوري والليث بن سعد عن الأحاديث التي فيها الصفة فقالوا أمروها كما جاءت بلا كيف
وأخرج بن أبي حاتم عن الشافعي يقول لله أسماء وصفات لا يسع أحدا ردها ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل فنثبت هذه الصفات وننفي عنه التشبيه كما نفى عن نفسه فقال ليس كمثله شيء
وأسند البيهقي عن أبي بكر الضبعي قال مذهب أهل السنة في قوله الرحمن على العرش استوى قال بلا كيف
والآثار فيه عن السلف كثيرة
وهذه طريقة الشافعي وأحمد بن حنبل
وقال الترمذي في الجامع عقب حديث أبي هريرة في النزول وهو على العرش كما وصف به نفسه في كتابه كذا قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبهه من الصفات
وقال في باب فضل الصدقة قد ثبتت هذه الروايات فنؤمن بها ولا نتوهم ولا يقال كيف كذا جاء عن مالك وبن عيينة وبن المبارك أنهم أمروها بلا كيف وهذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة
وأما الجهمية فأنكروها وقالوا هذا تشبيه
¥