تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يكون هو معنى الرحمة، وقد يكون هو معنى الاستواء، وقد يكون هو معنى الغضب، وقد يكون هو معنى القدرة إلى آخره، فالمعاني لا تفهم بالعربية، وإنما الكلام جرى على هذا النحو لكن معناه لا يعلم، لا أحد يعلم معناه، هذه فرقة وهم الغلاة في هذا الباب، مع أنه منسوب هذا إلى طائفة من المنتسبين إلى السلف كما قال شيخ الإسلام هنا.

? والطائفة الأخرى من أهل التجهيل: الذين يفوضون المعنى يقولون المعنى لا نعلمه فنفوّض المعنى إلى الله جل وعلا، والرسول r يعلم المعنى ولكن لم يبينه، ومن الصحابة من علم المعنى ولكن لم يبينه، وإنما سِيقت نصوص الصفات والغيبيات هكذا دون تفسير لها، ومعانيها غير هذه الظاهرة منها، لهذا يقولون معنى قول السلف أمروها كما جاءت يعني لا تخوضوا فيها.

وهذا باطل بوضوح؛ لأنهم قالوا كما جاءت، ولم يقولوا أمروها فقط، وإمرارها كما جاءت في نصها العربي كما هو معلوم، وهذا هو المذهب المعروف بمذهب أهل التفويض، مذهب المفوضة، فإن المفوضة أهل التجهيل لأنهم يقولون نجهل المعنى، وهذا قول كثير من المنتسبين لأحمد من المتأخرين، وقول طائفة من المنتسبين للأشعرية من المتأخرين، ويظنون أن هذا مذهب السلف، وهذا باطل فإنه مذهب أهل التجهيل، ولهذا من عقائد الأشعرية التفويض؛ تفويض المعنى من عقائد الأشاعرة، لهذا في منظومتهم المشهورة في الجوهرة:

وكل نص أوهم التشبيه أوِّله أو فوّض ورُم تنزيهَا

أوِّله كطريقة أهل التأويل وهو الكمال عندهم (أو فوّض) المعنى (ورم تنزيها) وهذا قول طائفة منهم.

السلف وأئمتهم يفوضون ولكن يفوضون الكيفية؛ لأن الكيفية لا يعلمها إلا الله جل وعلا، كيف اتصف بهذه الصفة؟ كيف صفته الوجه؟ كيف صفته القدم؟ كيف صفته اليد؟ كيف صفته القدرة؟ لا يعلمها إلا الله جل وعلا، أما معنى اليد فنعلمه معنى الوجه نعلمه، معنى القدم نعلمه، معنى الرحمة نعلمها، إلى آخره.

فإذن التفويض اللائق أنّ يفوَّض ويوكل العلم إلى الله جل وعلا ولا يعلم أحد تأويله إلا الله سبحانه وتعالى هو تفويض الكيفية لا تفويض المعنى، أما تفويض المعنى فهو من التجهيل، وهذا قول طائفة من الضُّلاَّل؛ بل قد قال الأئمة إنَّ أهل التفويض يعني أهل التجهيل شر من أهل التأويل؛ لأنهم سلبوا المعنى أصلا عن النص الذي يعلم، وأولئك أوَّلوا فأبقوا المعنى ولكن أولوا فأبقوا المعنى ولكن أولوه إلى معنى آخر، والمعنى الآخر الذي أوَّله إليه أهل التأويل صحيح في نفسه ولكنه ليس صحيحا بالنسبة لفظ الذي أولوه، فمثلا أولوا الرحمة بأنها الإنعام، الإنعام صحيح في نفسه أن الله متصف بالإنعام، ولكن لا يصلح أن يكون تفسيرا للرحمة؛ لأن الرحمة صفة من حيث هي معلومة المعنى.

المقصود من ذلك أن يُحذر من هذه الطرائق الثلاث، وكلها مناقضة لطريقة السلف، فأعظمها الأولى أهل التخييل وهم كفار، ويليها أهل التجهيل ومنهم من يكفر إذا ادَّعى أن هذه النصوص لا معنى لها البتة، وأخفهم أهل التأويل وأولئك لا يطلق القول بكفرهم؛ ولكن منهم وهم الغلاة؛ غلاة الجهمية وغلاة المعتزلة وأشباههم منهم من حكم بكفره لتكذيبه ما جاءت به النصوص ورده ما دلت عليه. نكتفي بهذا القدر.

.. هو إذا كان يقول أن جبريل لا يعلم، النبي r لا يعلم، الصحابة لا يعلمون، لا أحد يعلم المعنى، هذا صنف.

وإذا كان هؤلاء علموا المعنى، والسادات من العلماء وعلموا المعنى؛ لكن لم يبين المعنى لأحد؛ بل يعلمون ويسكتون هذا قول المفوضة، يقول أنا ما أعلم المعنى، أفوض المعنى لله جل وعلا.

أقاويل الثقات المؤلف: مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي [جزء 1 - صفحة 236 وما بعدها]

قال (أي شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى) والمنحرفون عن طريقة السلف ثلاث طوائف أهل التخييل وأهل التأويل وأهل التجهيل

فأهل التخييل هم المتفلسفة ومن سلك سبيلهم من متكلم ومتصوف ومتفقه فإنهم يقولون إن ما ذكره الرسول من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر إنما هو تخييل للحقائق لينفع به الجمهور لا أنه يبين به الحق ولا هدى به الخلق ولا أوضح الحقائق

ثم هم على قسمين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير