تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أمثلة ذلك أيضا: تسميته أكل المحرم للصيد الذي لم يصد من أجله رخصة حيث قال: (باب الرخصة في ذلك إذا لم يصد له) [سنن ابن ماجه ص 1033 كتاب المناسك باب رقم 93]، بعد تقريره النهي عن الصيد للمحرم في قوله: (باب ما ينهى عن المحرم من الصيد) [سنن ابن ماجه ص1032 كتاب المناسك باب رقم 92].

ومن أمثلة ذلك أيضا:: قوله: (باب ما رخص فيه من الرقى) [سنن ابن ماجه ص1161 كتاب الطب باب رقم 34] وأورد فيه حديث: ((لا رقية إلا من عين أو حمة))، فالجميع فيه علة النهي وهو كونها رقية إلا أن النص ورد بإباحة ما كان للعين أو حمة مع وجود معنى التحريم فيها.

وإطلاق لفظ الرخصة على هذا المدلول، هو منهج الأصوليين ويعبرون عنه بقولهم: (استباحة المحظور مع قيام الحاظر).

والمعنى الثاني: يتعلق بالمسائل التي تعارضت فيها الأدلة منعا وإباحة، فهو يطلق لفظ الرخصة على أدلة الإباحة في هذه المسائل، ومن أمثلة ذلك: قوله: (باب الرخصة بفضل وضوء المرأة) [سنن ابن ماجه ص 132كتاب الطهارة باب رقم 33]، ومن أمثلة ذلك أيضا: أنه لما عقد بابا بعنوان: (الوضوء من مس الذكر) [سنن ابن ماجه ص 161 كتاب الطهارة باب رقم 63]، قال بعده: (باب الرخصة في ذلك) [سنن ابن ماجه ص 163 كتاب الطهارة باب رقم 64]، وأورد فيه الأحاديث التي تدل على عدم إيجاب الوضوء من مس الذكر، وبعد هذا الباب مباشرة (باب الوضوء مما غيرت النار) [سنن ابن ماجه ص163 كتاب الطهارة باب رقم 65]، أورد فيه أحاديث توجب ذلك، وبعده (باب الرخصة في ذلك) [سنن ابن ماجه ص164 كتاب الطهارة باب رقم 66]، أورد فيه ابن ماجه أحاديث تدل على عدم وجوبه.

المعنى الثالث: ما فيه توسعة على المكلفين وإن لم يوجد فيه علة التحريم، وهذا المعنى استعمله المؤلف مرة واحدة، حيث قال: (باب الوضوء بسؤر الهرة والرخصة فيه) [سنن ابن ماجه ص131 كتاب الطهارة باب رقم 32].

ومثل هذا لا يجعله الأصوليون من باب ما يسمى رخصة في الاصطلاح الأصولي، وإن صح إطلاق هذا اللفظ عليه من باب التجوز [المغني للخبازي 89، المستصفى 1/ 330، روضة الناظر 1/ 260].

وقد يكون مراد الإمام ابن ماجه بهذا، المعنى الأول، وذلك أن سؤر الهرة فيه شيء من المعنى الذي في سؤر الكلب، ومع ذلك جاء الدليل بالوضوء من سؤر الهرة بخلاف الكلب؛ لأن ابن ماجه عقد الباب المتعلق بسؤر الهرة بعد الباب المتعلق بسؤر الكلب [سنن ابن ماجه ص130 كتاب الطهارة باب غسل الإناء من ولوغ الكلب].

المبحث الثالث: حجية القياس:

قد يفهم من كلام الإمام ابن ماجه القول بعدم حجية القياس، ويبدو ذلك جليا فيما يأتي:

أولا: أنه أورد في أحد تراجمه عبارة يفهم منها ذم الرأي والقياس، فقال: (باب اجتناب الرأي والقياس) [السنن 1/ 20].

ثانيا: أنه أورد في الباب السابق قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعا، ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)). فكأنه يرى أن القياس والرأي ليسا من العلم في شيء.

أما جمهور الأصوليين فإنهم يرون حجية القياس.

ويسوقون على ذلك أدلة عديدة [انظر: التفريق بين الأصول والفروع 2/ 159].

وأجاب الجمهور على ما ذكره ابن ماجه من أدلة بأجوبة عديدة، ملخصها أن ما ورد في منع قول الإنسان بما رآه يعني فيما لا يرجع إلى أصل يقاس عليه، توفيقا بين ذلك وبين النصوص الورادة بحجية القياس [فتح الباري 13/ 291].

والذي يظهر لي أن الإمام ابن ماجه لا يخالف الجمهور في ذلك، بل هو موافق لهم ويدل على ذلك أمور:

أولا: أن مما أورده الإمام من ذم الرأي إنما يراد به المقابل للنص، أو الرأي المجرد الصادر من غير المجتهد، كما في حديث: ((اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم)). قال ابن حجر: " قوله: (باب ما يذكر من ذم الرأي) أي الفتوى بما يؤدي إليه النظر، وهو يصدق على ما يوافق النص وعلى ما يخالفه، والمذموم منه ما يوجد النص بخلافه، وأشار بقوله: (من) إلى أن بعض الفتوى بالرأي لا تذم، وهو إذا لم يوجد النص من كتاب أو سنة أو إجماع " [فتح الباري 13/ 282].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير