تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3) – وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: لما ثقل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال: مروا أبا بكر أن يصلي بالناس فقلت: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى ما يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر فقال: مروا أبا بكر يصلي فقلت لحفصة قولي له إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر قال: إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر أن يصلي بالناس فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نفسه خفة فقام يهادى بين رجلين ورجلاه يخطان في الأرض حتى دخل المسجد فلما سمع أبو بكر حسه ذهب أبو بكر يتأخر فأومأ إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى جلس عن يسار أبي بكر فكان أبو بكر يصلي قائماً وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي قاعداً يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والناس مقتدون بصلاة أبي بكر – رضي الله عنه -[26].

قال النووي:

"قولها وأبو بكر يسمع الناس التكبير فيه جواز رفع الصوت بالتكبير ليسمعه الناس ويتبعوه، وأنه يجوز للمقتدي اتباع صوت المكبر وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور ونقلوا فيه الإجماع وما أراه يصح الإجماع فيه فقد نقل القاضي عياض عن مذهبهم أن منهم من أبطل صلاة المقتدي ومنهم من لم يبطلها ومنهم من قال إن أذن الإمام في الإسماع صح الاقتداء وإلا فلا، ومنهم من أبطل صلاة المسمع ومنهم من صححها ومنهم من شرط إذن الإمام ومنهم من قال إن تكلف صوتاً بطلت صلاته وصلاة من ارتبط بصلاته وكل هذا ضعيف والصحيح جواز كل ذلك وصحة صلاة المسمع والسامع ولا يعتبر أذن الإمام والله أعلم" أ. هـ[27].

وهل كان أبو بكر – رضي الله عنه – إماماً أو مأموماً خلاف والذي دلت عليه الروايات أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان هو الإمام وأبو بكر – رضي الله عنه – مبلغاً عنه، قال النووي: وإن كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر – رضي الله عنه – كان هو الإمام والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقتدى به لكن الصواب أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان هو الإمام [28].

وهذه الأدلة تدل دلالة واضحة على أنه يجوز التبليغ من أحد المأمومين عند الحاجة إليه كضعف صوت الإمام أو كثرة المصلين بحيث لا يبلغهم صوت الإمام وذلك لأن متابعة الإمام أمر مطلوب شرعاً ولا تحصل عند ضعف صوت الإمام بالتبليغ.

حكم التبليغ لغير حاجة

عرفنا أنه يجوز التبليغ عند الحاجة إليه أما إذا كان لغير حاجة فلا يجوز [29] لأن الأصل جهر الإمام بالتكبيرات والتسميع والتسليم والمبلغ بدلاً عن الإمام ولا يصار إلى البدل إلا عند تعذر الأصل والأدلة السابقة الدالة على مشروعية التبليغ تدل على أنه فعله عند الضرورة فقط لأن ذلك كان في وقت كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يستطيع التكبير وذلك ظاهر في رواية جابر – رضي الله عنه – في قوله ((اشتكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،)) وفي رواية عائشة – رضي الله عنها – في قولها ((لما مرض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرضه الذي مات فيه)).

وعلى هذا قال العلماء إن التبليغ لغير حاجة بدعة ولا يجوز فعله لأن ذلك لم ينقل عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا عن الصحابة وإنما نقل ذلك عند الحاجة إليه فقط.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله –:

"لا يشرع الجهر بالتكبير خلف الإمام الذي هو المبلغ لغير حاجة باتفاق الأئمة فإن بلالاً لم يكن يبلغ خلف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو ولا غيره ولم يكن يبلغ خلف الخلفاء الراشدين لكن لما مرض النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى بالناس مرة وصوته ضعيف وكان أبو بكر يصلي إلى جنبه يسمع الناس التكبير، فاستدل العلماء بذلك على أنه يشرع التكبير عند الحاجة مثل ضعف صوته، فأما بدون ذلك فاتفقوا على أنه مكروه غير مشروع" أ. هـ[30].

وقال في موضع آخر:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير