ب – أن في هذا مخالفة للسنة لأن السنة في الصلاة أن يكون المأموم تبعاً للإمام كما تقدم وفي فعل المبلغ هذا مدعاة لتأخر أفعال المأموم عن أفعال الإمام إلى حد أن يكون ركوع المأموم بعد رفع الإمام من الركوع ومثله السجود وبقية أفعال الصلاة.
جـ - اقتطاع جزء من صلاة المأمومين بسبب ما يحصل من صوت المبلغ.
خامساً: أن المبلغ قد يرفع صوته كثيراً مما يكون سبباً في ذهاب الحضور والخشوع في الصلاة ويذهب السكينة والوقار ويقع به التشويش على المصلين ويحصل بسبب ذلك كثير من الأمور التي تتنافى مع حقيقة الصلاة.
سادساً: أن بعض المبلغين يتعذر عليه سماع الإمام في تكبيره وعلم ركوعه وسجوده فمثل هذا لا يجوز له أن يبلغ خشية أن يكون تبليغه للركوع مثلاً بعد الانتهاء منه وهكذا وفي هذا تأخر لأفعال المأمومين عن أفعال الإمام وهو لا يجوز كما تقدم، ومثله إذا شك المبلغ في أفعال الإمام.
سابعاً: أن بعض المبلغين يفعل التبليغ على طريقة جماعية وذلك بأن يبتدئ بعضهم بالتكبير فيقول الله ويمد صوته ثم يبتدئ الآخر من أثناء الكلمة نفسها واصلاً صوته بصوت الأول وهكذا. وفاعل هذا لم يأت بالتكبير على صيغته المشروعة وإنما أتى به مقطعاً.
قال في المدخل:
"وأما ما يفعلونه اليوم من كونهم يتواكلون في التكبير ويديرونه بينهم ويقطعونه ويوصلونه وذلك أن بعضهم يبتدئ التكبير فيقول الله ويمد صوته ثم يبتدئ الآخر من أثناء الكلمة نفسها واصلاً صوته بصوت صاحبه قبل انقطاعه مبالغاً في رفع صوته على سبيل العمد وفاعل هذا لم يأت بالتكبير على وجهه وإذا كان ذلك كذلك فهو يشغل في الصلاة بزيادة غير مشروعية ولا لضرورة شرعية فتبطل صلاتهم والحالة هذه" أ. هـ[71].
النتيجة
من العرض السابق لأقوال العلماء في حكم التبليغ خلف الإمام وبيان الأدلة السابقة يظهر ما يأتي:
1 - أن الأصل والأفضل أن يرفع الإمام صوته في جميع التكبيرات وقول سمع الله لمن حمده وكذلك التسليم وهذا ما تؤيده الأدلة.
2 - إذا دعت الحاجة إلى التبليغ بسبب ضعف صوت الإمام لمرض ونحوه أو بسبب كثرة المصلين ونحوها فيشرع للمؤذن أو غيره رفع الصوت بالتكبير والتسميع والتسليم بشرط أن لا يحصل بسبب هذا الفعل محذور من المحاذير السابقة.
3 - التبليغ خلف الإمام من غير حاجة بدعة منكرة وأمر لا يجوز فعله.
4 - قصد تكبيرة الإحرام من الإمام ومن المأموم أمر مطلوب شرعاً فلا يدخل بالصلاة إلا إذا قصد بالتكبير الإحرام بالصلاة.
5 - إذا كان التبليغ لحاجة وصاحبه أمر من الأمور المنهي عنها فلا يجوز فعله لأن الأمر المشروع لا يتوصل إليه بالمحذور المنهي عنه شرعاً.
6 - إذا كان التبليغ من غير حاجة وصاحبه شيء من الأمور المنهي عنها فإن الإثم يعظم والمنكر يشتد والبدعة تتضاعف.
7 - من الأمور المنهي عنها في التبليغ ما يأتي:
أ – الجهر بتكبيرة الإحرام من المبلغ بنية الإعلام لا بنية الإحرام.
ب – مسابقة الإمام في تكبيرة الإحرام أو التكبير للركوع أو الرفع منه أو السجود.
جـ - اللحن بالتكبير أو التحميد.
د – تأخر المبلغ في أداء التكبير أو التحميد.
هـ - رفع الصوت من المبلغ كثيراً مما ينتج عنه ذهاب الحضور والخشوع في الصلاة، ويذهب السكينة والوقار ويقع به التشويش على المصلين.
و – التبليغ مع عدم سماع صوت الإمام في التكبيرات.
ز – التبليغ على طريقة جماعية خاصة إذا كان بعضهم يبتدئ في التكبير ثم يبدأ الآخر من حيث وقف الأول وهكذا ... ـــــــــــ[1] وذلك في رسالة سماها ((تنبيه ذوي الأفهام على أحكام التبليغ خلف الإمام)) وهي مطبوعة ضمن مجموع رسائل ابن عابدين.
[2] وذلك في رسالة سماها ((القول البديع في بيان أحكام التسميع)) مخطوط مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية برقم 2169/ 8.
[3] سورة المعارج آية 23.
[4] سورة المعارج آية 34.
[5] تفسير القرطبي 18/ 290.
[6] انظر ترتيب القاموس مادة بلغ 1/ 316، والصحاح مادة بلغ 4/ 1316، ولسان العرب مادة بلغ 8/ 419.
[7] انظر حاشية ابن عابدين 1/ 319، والموسوعة الفقهية الكويتية 10/ 117.
[8] انظر رسالة القول البديع مخطوط مركز الملك فيصل رقم 2169/ 8.
[9] انظر كتاب المبدع 1/ 429 وكتاب الفروع 1/ 410.
[10] هو سعيد بن الحارث بن المعلى الأنصاري المدني.
[11] هو أبو سعيد الخدري الأنصاري الخزرجي.
¥