أولاً: قوله تعالى: ?الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ? [النور:3] فهي قبل التوبة في حكم الزنا، فإذا تابت زال ذلك ().
ومعنى قوله تعالى: ? لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ? المتزوج بها إن كان مسلمًا فهو زان، وإن لم يكن مسلمًا فهو كافر؛ لأن هذه تمكن من نفسها غير الزوج من وطئها. ولهذا كان زوج الزانية مذمومًا من الناس كما أنه مذموم عند الله. وإذا كان الله إنما أباح من المسلمين وأهل الكتاب نكاح المحصنات، والبغايا لسن محصنات؛ فلم يبح الله نكاحهن.
الراجح:
يرى الباحث أن الراجح هو رأي الحنابلة الذين قالوا: بتحريم نكاح الزانية حتى تستبرأ وتتوب م نالزنا، سواء كان الناكح لها هو الزاني بها أو غيره. وهذا مذهب طائفة من السلف والخلف، منهم قتادة وإسحاق وأبو عبيدة.
ويؤيد ذلك أيضًا أن الإسلام قد حرص على تكوين الأسرة المسلمة الصالحة، التي يتربى أفرادها على الفة والحياء فكيف يتأتى ذلك، وعمود التربية في البيت، وهي الزوجة الأم فاقدة لذلك؟ وفاقد الشيء لا يعطيه.
الفرع الثاني: أقل الحمل:
اتفق أهل العلم على أن أقل مدة الحمل ستة اشهر. ومعناه أن المولود يمكن أن يعيش إذا أتم في بطن أمه ستة أشهر (). ويترتب عليه الحقوق الشرعية.
الأدلة:
1 - المستفاد من مجموع آيتين، هما قوله تعالى: ? وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ? [البقرة: من الآية233]. وقوله تعالى: ?وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً? [الاحقاف: من الآية15] ().
فإنه إذا كان مجموع الحمل والإرضاع ثلاثون شهرًا من الآية الأخيرة، وكان الإخبار في الآية الأولى أن مدة الإرضاع سنتان، ويساوي ذلك أربعة وعشرين شهرًا، فيكون الحمل ستة اشهر.
لذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ? وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً? "إذا حملت تسعة أشهر، أرضعت إحدى وعشرين شهرًا، وإن حملت ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهرًا" ().
وقد وردت روايات كثيرة في شأن أقل الحمل، عن عثمان وعلي، وعن عثمان وابن عباس، كما وردت مثلها عن عمر وابن عباس، وعن عمر وعلي، رضي الله عنهم جميعًا، وقد انعقد إجماع الصحابة على ذلك ().
رأي الطب:
وافق الطب رأي الفقهاء وإجماع الصحابة في اعتبار أقل مدة يمكن أن يعيش فيها المولود بعد ولادته، هي بعد حملة ستة أشهر كاملة.
وفي مقابلة مع الدكتور محي الدين كحالة أكد أن أقل مدة للحمل يمكن أن يولد فيها المولود تام الخلقة هي ستة أشهر (). كما أكد الدكتور أحمد ترعاني ذلك، وأضاف أن الطفل يحتاج إلى حاضنة خاصة لكي يتمكن من العيش بعد إذن الله ().
تفاوتت آراء الفقهاء في أكثر مدة الحمل، التي يمكن أن يستمر معها الحمل إلى أن يولد حيًا على أقوال عدة:
القول الأول: إنه قد يستمر إلى أربع سنين. وهو قول الشافعي والحنابلة في ظاهر مذهبهم ورواية عن مالك ().
القول الثاني: إن أقصى الحمل سنتان. وهو مذهب الحنفية، والمزني من الشافعية ().
القول الثالث: إن أقصى مدة الحمل تسعة أشهر. وهذا رأي ابن حزم والظاهرية ().
الأدلة:
استدل القائلون بأن أكثر الحمل أربع سنين بما يلي:
1 - أن كل ما احتاج إلى تقدير حد إذا لم يتقدر بشرع ولا لغة. كان مقداره بالعرف الوجود، كالحيض والنفاس وقد وجد مرارًا حمل وضع لأربع سنين ().
وروي المبارك بن مجاهد قال مشهور عندنا، كانت امرأة محمد بن عجلان تحمل، وتضع في أربع سنين، فكانت تسمى حاملة الفيل ().
وأما الأحناف والمزني فاستدلوا بما يلي:
قول عائشة: "لا يبقى الولد في رحم أمه أكثر من سنتين، ولو بفركة مغزل". وذلك لا يعرف إلا توقيفًا إذ ليس للعقل فيه مجال، فكأنها روته عن النبي " ().
دليل ابن حزم:
¥