وخرج البزار من رواية يزيد بن أبى زياد، عن مجاهد، عن عبد الرحمن ابن صفوان قال: لما خرج النبى صلى الله عليه وسلم من البيت سألت من كان معه: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: ركعتين عند السارية الوسطى عن يمينها.
ويزيد بن أبى زياد ليس بالحافظ.
وروى عبد العزيز بن أبى رواد، عن نافع، عن ابن عمر أنه سأل بلالا:
أين صلى النبى صلى الله عليه وسلم؟ يعنى: فى الكعبة – قال: فأشار له بلال الى السارية الثانية عند الباب. قال: صلى عن يمينها تقدم عنها شيئا.
وعبد العزيز – أيضا – ليس بالحافظ.
وقد صرح أصحابنا وأصحاب الشافعى وغيرهم بأنه يستحب لمن صلى الى سترة منصوبة أن ينحرف عنها ولا يستقبلها. وصرح بذلك أصحابنا: أبو بكر عبد العزيز، وابن بطة، والقاضى أبو يعلى وأصحابه، وأخذوه من نص الامام أحمد على أن الامام يقوم عن يمين طاق المحراب، وكذا قال النخعى، واستدلوا بما روى على بن عياش، عن الوليد بن كامل، عن المهلب (172 – ب / ط) بن حجر البهرانى، عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود، عن أبيها: مارأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الى عود ولا الى عمود ولا الى شجرة الا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولايصمد له صمدا.
خرجه الامام أحمد، وأبو داود.
وخرجه الامام أحمد – أيضا – من رواية بقية بن الوليد، عن الوليد بن كامل، عن حجر – أو ابن حجر – بن المهلب، عن ضبيعة بنت المقداد بن معدى كرب، عن أبيها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان اذا صلى الى عمود أو خشبة أو شبه ذلك، لايجعله نصب عينيه؛ ولكن يجعله على حاجبه الأيسر.
ولعل هذه الرواية أشبه، وكلام ابن معين وأبى حاتم الرازى يشهد له (466 – ب / ق)، والشاميون كانوا يسمون " المقدام بن معدى كرب " المقداد، ولاينسبونه أحيانا، فيظن من سمعه غير منسوب أنه ابن الأسود وانما هو ابن معدى كرب. وقد وقع هذا الاختلاف لهم فى غير حديث من رواياتهم.
والمهلب بن حجر ليس بالمشهور. والوليد قال أبو حاتم: هو شيخ، وقال البخارى: عنده عجائب.
قال القرطبى: لعل هذا كان أول الاسلام لقرب العهد بالف عبادة الحجارة والأصنام حتى تظهر المخالفة فى استقبال السترة لما كانوا عليه من استقبالهم تلك المعبودات. انتهى.
وقد كره مالك أن يصلى الى حجر فى الطريق، فأما الى حجارة كثيرة فجائز. ذكره فى " تهذيب المدونة ".
وقد ورد النهى عن أنى يوطن الرجل له مكانا فى المسجد يصلى فيه، من رواية تميم بن محمود، عن عبد الرحمن (138 – ب / ك) بن شبل قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب وافتراش السبع وأن يوطن الرجل المكان فى المسجد كما يوطن البعير.
خرجه الامام أحمد، وأبو داود، والنسائى، وابن ماجه.
وفى اسناده اختلاف كثير، وتميم بن محمود قال البخارى: فى حديثه نظر.
وقد حمل أصحابنا حديث النهى على الصلاة المفروضة وحديث الرخصة على الصلاة النافلة. وكان للامام أحمد مكان يقوم فيه فى الصلاة المكتوبة خلف الامام فتأخر يوما فنحاه الناس وتركوه، فجاء بعد ذلك فقام فى طرف الصف (173 – أ / ط) ولم يقم فيه وقال: قد جاء أنه يكره أن يوطن الرجل مكانه.
الحديث الثانى:
503 – حدثنا قبيصة: ثنا سفيان، عن عمرو بن عامر، عن أنس قال: لقد أدركت كبار أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يبتدرون السوارى عند المغرب.
وزاد شعبة عن عمرو، عن أنس: حتى يخرج النبى صلى الله عليه وسلم.
رواية شعبة قد أسندها البخارى فى كتاب " الأذان "، وقد خرج مسلم من رواية عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: كنا بالمدينة فاذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السوارى فركعوا (467 – أ / ق) ركعتين حتى ان الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليها.
فهذا الحديث يدل على أن عادة أصحاب النبى فى زمنه كانت التنفل الى السوارى قبل الصلاة المكتوبة وبعدها، بخلاف الصلاة المكتوبة فانهم كانوا يصلونها صفوفا صفوفا ولايعتبرون لها سترة؛ بل يكتفون بسترة امامهم.
وروى وكيع، عن هشام بن الغاز، عن نافع قال: كان ابن عمر اذا لم يجد سبيلا الى سارية من سوارى المسجد قال لى: اجلس وول ظهرك.
96 – باب
الصلاة بين السوارى فى غير جماعة
¥