وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال أبو أحمد بن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ.
وقال النسائي: ليس بثقة.
ينظر: تهذيب التهذيب (5/ 173) الكامل لابن عدي (4/ 208) الضعفاء للعقيلي (2/ 243) الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص 61)
الجواب الثاني: لو صحت الرواية فلا دلالة فيها على النسخ لأنه لا يعلم تاريخه ودعوى النسخ لا تثبت بمجرد الاحتمال ولا دليل على أن ذلك كان بعد قوله " أفطر الحاجم والمحجوم " فإن حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " كان في رمضان سنة ثمان من الهجرة عام الفتح كما جاء في حديث شداد والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحرم بعمرة الحديبية سنة ست وأحرم من العام القابل بعمرة القضية وكلا العمرتين قبل ذلك ثم دخل مكة عام الفتح ولم يكن محرماً ثم حج حجة الوداع فاحتجامه وهو صائم محرم لم يبين في أي إحراماته كان وإنما تمكن دعوى النسخ إذا كان ذلك قد وقع في حجة الوداع أو في عمرة الجعرانة حتى يتأخر ذلك عن عام الفتح الذي قال فيه " أفطر الحاجم والمحجوم " ولا سبيل إلى بيان ذلك.
فإن قيل: رواية ابن عباس رضي الله عنهما للحديث وهو ممن صحب النبي بعد الفتح ولم يصحب ابن عباس النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - محرما والفتح لم يحرم فيه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلم يبق إلا حجة الوداع وهذا يدل على التأخر ذكر هذا الشافعي وابن عبد البر وغيرهما.
أجيب عن هذا أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يقل شهدت رسول الله ولا رأيته فعل ذلك وإنما روى ذلك رواية مطلقة ومن المعلوم أن أكثر روايات ابن عباس إنما أخذها من الصحابة والذي فيه سماعه من النبي لا يبلغ عشرين قصة كما قاله غير واحد من الحفاظ فمن أين لكم أن ابن عباس لم يرو هذا عن صحابي آخر كأكثر رواياته وقد روى ابن عباس أحاديث كثيرة مقطوع بأنه لم يسمعها من النبي ولا شهدها ونحن نقول إنها حجة لكن لا نثبت بذلك تأخرها ونسخها لغيرها ما لم يعلم التاريخ.
قال الحافظ في تهذيب التهذيب (5/ 243): (فائدة روى عن غندر أن بن عباس لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم إلا تسعة أحاديث وعن يحيى القطان عشرة وقال الغزالي في المستصفى أربعة وفيه نظر ففي الصحيحين عن ابن عباس مما صرح فيه بسماعه من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أكثر من عشرة وفيهما مما يشهد فعله نحو ذلك وفيهما مما له حكم الصريح نحو ذلك فضلا عما ليس في الصحيحين)
الجواب الثالث: أنه ليس فيه أن الصوم كان فرضاً ولعله كان صوم نفل خرج منه ذكره ابن حزم وابن القيم.
الجواب الرابع: حتى لو ثبت أنه صوم فرض فالظاهر أن الحجامة إنما تكون للعذر ويجوز الخروج من صوم الفرض بعذر المرض والواقعة حكاية فعل لا عموم لها.
الجواب الخامس: أن هذه القصة لم تكن في رمضان فإنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يحرم في رمضان فإن عمره كلها كانت في ذي القعدة وفتح مكة كان في رمضان ولم يكن محرماً فغايتها في صوم تطوع في السفر وقد كان آخر الأمرين من رسول الله الفطر في السفر ولما خرج من المدينة عام الفتح صام حتى بلغ الكديد ثم أفطر والناس ينظرون إليه ثم لم يحفظ عنه أنه صام بعد هذا في سفر قط ولما شك الصحابة في صيامه يوم عرفة أرسلوا أم الفضل إليه بقدح فشربه فعلموا أنه لم يكن صائماً.
الجواب السادس: أن النبي إنما احتجم و هو صائم في سفر لا في حضر لأنه لم يكن قط محرماً مقيماً ببلده إنما كان محرماً و هو مسافر و المسافر يحق له الفطر بأي نوعٍ من المفطرات أكل أو شرب أو حجامة. ذكره ابن خزيمة في صحيحه (3/ 227) والحاكم في المستدرك (1/ 593) وابن حزم في المحلى (6/ 204)
ينظر في بعض هذه الأجوبة: تهذيب السنن لابن القيم (6/ 351 مع عون المعبود)
الدليل الثاني: ما رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " ثلاث لا يفطرن الصائم القيء والحجامة والاحتلام "
¥