تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال المجد: المصالح المرسلة لا يجوز بناء الأحكام عليها، قاله ابن الباقلاني وجماعة المتكلمين، وهو قول متأخري أصحابنا أهل الأصول والجدل [المسودة، ص 450].

5 - أبو الخطاب:

قال المجد: وقد ذكر أبو الخطاب في تقسيم الأدلة الشرعية أن الاستنباط قياس واستدلال، والاستدلال يكون بأمارة وعلة ويكون بشهادة الأصول والاستدلال بالعلة أو الأمارة هو المصالح [المسودة، ص451، وبحثت عنه في مظانه من التمهيد فلم أجده].

المبحث الثاني: آراء متوسطي الحنابلة:

1 - شيخ الإسلام ابن تيمية:

قال: الطريق السابع المصالح المرسلة. . . فهذه الطريق فيها خلاف مشهور، فالفقهاء يسمونها المصالح المرسلة، ومنهم من يسميها الرأي، وبعضهم يقرب إليها الاستحسان، وقريب منها ذوق الصوفية ووجدهم وإلهاماتهم فإن حاصلها أنهم يجدون في القول والعمل مصلحة في قلوبهم وأديانهم ويذوقون طعم ثمرته، وهذه مصلحة، لكن بعض الناس يخص المصالح المرسلة بحفظ النفوس والأموال والأعراض والعقول والأديان، وليس كذلك؛ بل المصالح المرسلة في جلب المنافع وفي دفع المضار، وما ذكروه من دفع المضار. . . وجلب المنفعة يكون في الدنيا والدين. . . فمن قصر المصالح على العقوبات التي فيها دفع الفساد عن تلك الأحوال - الخمسة - ليحفظ الجسم فقط فقد قصر.

وهذا فصل عظيم ينبغي الاهتمام به، فإن من جهته حصل في الدين اضطراب عظيم، وكثير من الأمراء والعلماء والعباد رأوا مصالح فاستعملوها بناء على هذا الأصل، وقد يكون منها ما هو محظور في الشرع ولم يعلموه، وربما قدم على المصالح المرسلة كلاما بخلاف النصوص، وكثير منهم أهمل مصالح يجب اعتبارها شرعا بناء على أن الشرع لم يرد بها، ففوت واجبات ومستحبات، أو وقع في محظورات ومكروهات، وقد يكون الشرع ورد بذلك، وحجة الأول: أن هذه مصلحة والشرع لا يهمل المصالح بل قد دل الكتاب والسنة والإجماع على اعتبارها، وحجة الثاني: أن هذا أمر لم يرد به الشرع نصا ولا قياسا، والقول بالمصالح يشرع من الدين ما لم يأذن به الله غالبا، وهي تشبه من بعض الوجوه مسألة الاستحسان والتحسين العقلي والرأي ونحو ذلك. . . لكن بين هذه فروق.

والقول الجامع: أن الشريعة لا تهمل مصلحة قط، بل الله تعالى قد أكمل لنا الدين وأتم النعمة، فما من شيء يقرب إلى الجنة إلا حدثنا به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك. لكن ما اعتقده العقل مصلحة وإن كان الشرع لم يرد بها فأحد أمرين لازم له: إما أن الشرع دل عليه من حيث لم يعلم هذا الناظر، أو أنه ليس بمصلحة وإن اعتقده مصلحة، لأن المصلحة هي المنفعة الحاصلة أو الغالبة وكثيرا ما يتوهم الناس أن الشيء ينفع في الدين والدنيا ويكون فيه منفعة مرجوحة بالمضرة، كما قال تعالى: ? قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ? [سورة البقرة الآية 219] وكثير مما ابتدعه الناس من العقائد والأعمال من بدع أهل الكلام وأهل التصوف وأهل الرأي وأهل الملك، حسبوه منفعة أو مصلحة نافعا وحقا وصوابا وليس كذلك فإذا كان الإنسان يرى حسنا ما هو سيئ كان استحسانه أو استصلاحه قد يكون من هذا الباب [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 11/ 342 - 345].

فخلاصة كلامه - رحمه الله -: أنه تردد في العمل بالمصلحة المرسلة حتى إنه ليكاد أن يمنعها لأسباب:

1 - أن الله - عز وجل - قد أكمل الدين، والدين من كماله استقصى جميع المصالح.

2 - ما رآه من تصرفات الصوفية الذين اعتمدوا على الإلهامات والأذواق معتبرين ذلك مصلحة لا بد منها فدخل كثير من المغرضين من هذا الباب فشوهوا الإسلام وطمسوا محياه.

3 - ما رآه من الجرأة على العمل بالمصالح بدون تثبت مما أدى إلى فتح باب الفوضى والاضطراب في الدين، حيث رأى كثير من الأمراء والعباد مصالح فاستعملوها - بناء على هذا الأصل - ولم تكن كذلك وقد يكون منها ما هو محظور في الشرع لم يعلموه.

4 - ما رآه من الشبه في بعض الوجوه بقول المعتزلة في التحسين والتقبيح العقلي، وقد يؤدي إلى أن يشرع العبد من الدين ما لم يأذن به الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير