5 - جر القول بالمصالح المرسلة إلى فتح الباب على مصراعيه بدون تقييد بنظام الشرع فجلب كثيرا من البدع في العقائد والأعمال، كما اتخذها كثير من الملوك والحكام سلما وطريقا سهلا يسلكونه في ظلم الناس وإنزال الأذى بهم في أموآله م وأنفسهم [أصول الفقه وابن تيمية، 2/ 467 - 468].
2 - ابن قيم الجوزية:
قال: إن الشريعة مبناها وأساسها الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ومصالح كلها، ورحمة كلها، وحكمة كلها [إعلام الموقعين، 3/ 14] لكن هذا في المصالح المعتبرة من الشارع لا المرسلة.
وابن القيم حين عد أصول أحمد لم يذكر المصالح المرسلة منها.
3 - نجم الدين الطوفي:
نسب بعض المحدثين للطوفي رسالة في شرح الأربعين النووية تكلم في أثنائها على حديث: ((لا ضرر ولا ضرار)) وقال فيها بتقديم المصلحة على النص بطريق التخصيص والبيان بشرط أن يكون الحكم من أحكام المعاملات أو العادات أو السياسات الدنيوية أو شبهها، لا أن يكون من أحكام العبادات أو المقدرات ونحوها، لأن العبادات حق للشارع خاص به، ولا يمكن معرفة حقه كما وكيفا وزمانا ومكانا إلا من جهته فيأتي به العبد بما رسم له، فأحكام العبادات والمقدرات لا مجال للعقل في فهم معانيها على التفصيل [شرح حديث '' لا ضرر ولا ضرار '' ملحق برسالة (المصلحة في التشريع الإسلامي ونجم الدين الطوفي) 16 - 46].
4 - ابن النجار الفتوحي:
جعل المصلحة ثلاثة أضرب: معتبر بالشرع، وباطل بالشرع، والثالثة المرسلة حكى فيها الخلاف وأحال على الكلام في المناسبة [شرح الكوكب المنير، 4/ 432].
وفي الكلام على المناسب جعله ثلاثة أضرب: أحدها: دنيوي وجعله أقساما: ضروري ومكمله، وحاجي ومكمله، وتحسيني، فجعل المناسب من باب المصالح المرسلة، وقال: وليست هذه المصلحة بحجة، ونقل الخلاف فيها، ودلل على عدم حجيتها. والثاني: أخروي، والثالث: إضافي.
ثم قسم المناسب إلى أقسام: مؤثر وملائم وغريب، والغريب هو الذي لم يشهد له غير أصله بالاعتبار، قال: والمرسل الغريب ليس حجة عند الجمهور، والمرسل الذي ثبت إلغاؤه مردود بالاتفاق [شرح الكوكب المنير، 4/ 159 - 181].
المبحث الثالث: آراء متأخري الحنابلة في المصلحة:
ا - عبد القادر بن بدران:
قال: (والمختار عندي اعتبار المصالح المرسلة، ولكن الاسترسال فيها وتحقيقها يحتاج إلى نظر سديد وتدقيق، وإني أرى غالب الأحكام في أيامنا التي نحن فيها مسالكة على ذلك الأصل ومهيئة لقبوله سخطنا أم رضينا). . . إلى أن قال: (من ذلك ما يقوله الحنابلة بالرجوع إلى العرف في القبض والحرز وكل ما لم يرد من الشرع تحديد فيه) [شرح روضة الناظر '' نزهة الخاطر العاطر ''، 1/ 416].
وجعل العرف في ما لم يرد تحديده في الشرع من باب المصلحة المرسلة ليس بسديد.
2 - الدكتور عبد الله التركي:
عرف أولا المصلحة ثم ذكر أقسامها وحصر الخلاف في المصلحة المرسلة ثم قال: (والخلاصة أن المصالح على القول بها لدى الحنابلة أو غيرهم ليست عملا بالرأي وحده وكل ما أفتى به الأئمة بناء على المصلحة فإنما هي مصلحة شهد الشرع لجنسها بالاعتبار وذلك اعتبار لها في الجملة).
قال: (والذي أرجح وأراه أخيرا أن بناء الأحكام على المصلحة ليس مقصورا عليها فقط، بل لا بد أن يكون الشارع اعتبر جنس هذه المصالح فلا يترك تحديد ما هو مصلحة أو مفسدة للبشر فهم لا يستطيعون ذلك استقلالا دون سند من شرع الله، ولو قلنا أن البشر يستطيعون تحديد المصالح والمفاسد ثم يبنون عليها الأحكام وتكون تشريعا في حقهم لأجزنا لهم وضع التشريعات، ثم إن القول بأن هناك مصالح أغفلتها الشريعة طعن في كمالها وشمولها وعمومها وقد دلت الأدلة القاطعة على إكمال الله للدين، وحفظه من التغيير والتبديل، وعليه فإذا كان جنس المصلحة قد اعتبره الشارع جاز بناء الحكم عليها إذا لم يوجد أي دليل آخر مقدم عليها.
ولا يجوز للمسلم أن يتصرف في تشريع ما لم يجعل الله له ذلك الحق، وكثير من الأمور المبنية على المصالح كالسياسة الشرعية والولايات العامة والخاصة والأنظمة كل هذه قد أعطى الله أصحابها حقوقا يتصرفون في دائرتها وإن لم ينص على جزئيات التصرف) [أصول مذهب الإمام أحمد، (432) وما بعدها].
¥