فخلاصة كلامه: العمل بالمصالح المرسلة بشروط:
1 - عدم معارضة دليل آخر لها.
2 - اعتبار الشارع لجنس المصلحة، بمعنى أن تكون ملائمة لتصرفات الشارع.
3 - أن لا يكون للأهواء والشهوات فيها مدخل.
4 - أن يكون القائمون على تحديدها هم أهل الفقه والدين والعلم بالشريعة.
3 - شيخنا الدكتور عبد الرحمن الدريويش:
ذهب - وفقه الله في رسالته - عن المصالح المرسلة إلى: أن المصالح المرسلة محتج بها في الشرع، ومحتج بها عند الأئمة ودلل لذلك.
واشترط لاعتبارها والعمل بها:
1 - أن لا تخالف نصا من الكتاب أو السنة أو إجماعا.
2 - أن تكون ملائمة لتصرفات الشرع.
3 - أن يكودن تحديدها من العلماء.
4 - شيخنا الدكتور عبد العزيز الربيعة:
قسم المصالح المرسلة إلى: ما شهد الشرع باعتباره، وما شهد بإلغائه، وما لم يشهد له باعتبار ولا إلغاء.
فما شهد الشارع باعتباره فهو حجة لا إشكال فيه، وما شهد بإلغائه فليس بحجة اتفاقا، لأن في اعتبارها مخالفة لنصوص الشرع، وفتح هذا الباب يؤدي إلى تغيير حدود الشرائع ونصوصها، ومن أمثلة هذا القسم القول بتساوي الأخ وأخته في الميراث، ثم تكلم عن مذهب الطوفي وخرقه الإجماع وأدلته ومناقشتها.
ثم ذكر النوع الثالث من المصلحة، وهو ما لم يشهد له الشرع باعتبار ولا بإلغاء، بل سكتت عنها الشواهد الخاصة في الشرع (أي النصوص المعينة) التي تدل على أحد الأمرين الاعتبار أو الإلغاء، وهو المصلحة المرسلة.
وجعلها نوعين: ما ورد على وفق النص، والملائم لتصرف الشرع. ثم تكلم عن الاستصلاح معناه وأمثلته، ثم تكلم عن حكمه فقال: (اتفقت كلمة العلماء على أنه لا يجوز الاستصلاح في أحكام العبادات؛ لأنها تعبدية، والمقدرات لأنها مثل العبادات كالحدود والكفارات وفروض الإرث. . .
وإنما اختلف العلماء في حكم الاستصلاح فيما عدا أحكام العبادات والمقدرات، وذكر المذهب الأول بالمنع ونسبه للمتأخرين، والمذهب الثاني بناء الأحكام على المصالح بشرطين:
1 - أن تثبت المصلحة بالبحث وإمعان النظر والاستقراء أنها مصلحة حقيقية لا وهمية.
2 - أن تكون المصلحة عامة؛ لأنها مقصودة للشارع بخلاف المصلحة الشخصية. ونسب هذا القول للأئمة الأربعة وغيرهم.
والمذهب الثالث للغزالي العمل بها في الضروريات دون الحاجيات والتحسينيات. وحرر مذهبه، ودلل لكل قول وناقش كثيرا من هذه الأدلة) [أدلة التشريع المختلف في الاحتجاج بها، 191 - 257].
ثم قال: (المذهب الراجح هو القول بحجية الاستصلاح سواء كانت المصلحة التي يراد بناء الحكم عليها واقعة في مرتبة الضروريات أم في مرتبة الحاجيات أم في مرتبة التحسينيات، وأن المصلحة المرسلة أصل مستقل برأسه في بناء الأحكام عليها، وهي داخلة ضمن مقاصد الشرع وراجعة إلى حفظ مقصد من مقاصده، وليست راجعة إلى الأصول الاجتهادية الأخرى المتفق عليها بل هي آخذة صفة الاستقلال. . .).
ثم قال: (بل إن الاستصلاح هو أخصب الطرق التشريعية فيما لا نص فيه، وأكثرها أهمية، إذ فيه المتسع لاستنباط الأحكام التي تقتضيها تطورات الخلق، وفيه الغناء لما يحقق مصالحهم وحاجاتهم. لكنه يحتاج إلى مزيد الاحتياط في توخي المصلحة وشدة الحذر من غلبة الأهواء؛ لأن الأهواء كثيرا ما تزين المفسدة فتراها مصلحة، وكثيرا ما يغتر بما ضرره أكبر من نفعه) [أدلة التشريع المختلف في الاحتجاج بها، 257، 258].
5 - الدكتور صالح المنصور:
قال: (ونختار. . العمل بالمصلحة المرسلة متى كانت ملائمة لتصرفات الشرع ولم تعارض نصا. . . .، فإن كان ثم
معارضة فالمصلحة باطلة ملغاة).
ثم قال: (ولقد راعى الشارع مبدأ المصالح في تشريع الأحكام وذلك مما يغلب على الظن اعتبار المناسب المرسل فيجب العمل به لأن العمل بالظن واجب، وأيضا فإن المصالح التي ألغاها الشارع نظرا لما تجره من المفاسد قليلة).
ثم قال: (وإننا نستطيع أن نقول: يكاد العلماء أن يتفقوا على القول بها فهم يقولون برعاية الأحكام الشرعية للمصالح فكل حكم شرعي مربوط بحكمته، وأن الحكمة هي التي دعت إلى تقريره، ومرجع هذه الحكمة إلى جلب المصالح للعباد ودرء المفاسد عنهم، وهذه الحكمة ظاهرة في أكثر الأحكام خصوصا المعاملات وقد تخفى في بعض العبادات) [أصول الفقه وابن تيمية، 2/ 600 - 602].
6 - رأي غريب:
ذهب أحد المعاصرين إلى اعتبار المصلحة مطلقا وتقديمها على النصوص بدعوى أن هذا تقديم للنصوص الكلية على النصوص الجزئية [جريدة الشرق الأوسط، عدد 4035 في 15/ 12 / 1989م.].
وهذا صادر من غير المجتهدين، فلا ينظر إليه ولا يعول عليه ولا عبرة به إطلاقا، فإنه ليس لديه آلة هذا الشأن، فإذا قال قولا علم أنه يقوله عن جهل، بل الإجماع منعقد على أن العامي يعصي الله بمخالفة العلماء وأن مخالفة العلماء في حقه حرام [إحكام الفصول، 392] فكيف يكون الهدى والإصابة في قول محرم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ذم الرؤساء الجهال الذين يفتون بغير علم فيضلون ويضلون. والأخبار تقتضي إيجاب مراجعة العلماء، قال تعالى: ? فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ? [سورة النحل الآية 43]، وعلى فرض تعارض النصوص الكلية العامة والنصوص الجزئية الخاصة، فإن ذلك لا يفيد اطراح النصوص الجزئية الخاصة، بل يعمل بها في مكان خصوصها.
يتبع - بمشيئة الله -
¥