تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ب - لا تلازم بين القول برعاية المصالح، وبين تقديم رعاية المصالح على الإجماع، فالمسألتان تختلف كل واحدة منهما عن الأخرى، وكل من قال بالمصلحة قدم الإجماع عليها.

ج - أن الخلاف في المصالح قديم معروف، ولا وجه لإنكار هذا الخلاف، فالقائلون بالإجماع وحجيته أكثر من القائلين برعاية المصالح.

د - أن المخالف في الإجماع شذاذ، كالشيعة، وبعض الخوارج والنظام، وهم محجوجون بالأدلة الشرعية الكثيرة الدالة على اعتباره.

هـ - أن الشيعة لا يقولون برعاية المصالح؛ لأنها رأي، والدين لا يقال بالرأي وإنما يتلقى عن المعصوم، والخوارج مختلفون في أمرها، وهم يقولون: إن الحكم إلا لله، ونقل عن النظام جواز اجتماع الأمة على الرأي والقياس، ورعاية المصالح تعتمد على الرأي والقياس، فكيف يقول النظام برعاية المصالح.

و - أن المتفق عليه هو رعاية الشارع للمصلحة، والمراد بالبحث هنا هو اتباعنا للمصلحة المخالفة للنصوص الشرعية، وفرق بين رعاية الشارع للمصلحة وبين اتباع المصالح المخالفة للنصوص.

ز - أن الدليل مبني على أن الشارع رعى المصالح، ومعناه: أنه استقصاها فلم يبق شيء منها لم يرعه، فنصوصه راعية للمصالح، فالمصالح والنصوص دائما مجتمعة فكيف يتصور التعارض بين النصوص وما تضمنته من المصالح.

الدليل الخامس: أن النصوص سبب للخلاف في الأحكام، لأن كثيرا منها متعارض والمصلحة سبب للاتفاق؛ لأنها لا تختلف، واتباع ما يؤدي إلى الاتفاق مقدم على ما يؤدي إلى الخلاف إذ الخلاف مذموم شرعا.

وأجيب:

أ - أن النصوص يصدق بعضها بعضا فلا تتعارض، فقد نفى الله عز وجل عنها الاختلاف والتناقض، قال تعالى: ? وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ? [سورة النساء الآية 82].

ب - أن المصالح مختلفة باختلاف الآراء والأهواء والأزمنة والأمكنة، بخلاف النصوص فهي لا تختلف باختلاف ذلك.

ج - أن هذا الاستدلال مبني على دعوى اختلاف النصوص، سواء ما كان في العادات أو العبادات أو المعاملات، فهذا يقضي أن تعطى النصوص كلها نتيجة واحدة من أجل هذا الاختلاف والتعارض، لكننا نراه يفرق بين أحكام المعاملات - فيجعل المصالح أولى من النصوص - وبين العبادات فيجعل النصوص مقدمة على المصالح.

الدليل السادس: أن هناك نصوصا قدمت المصلحة على النصوص، ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه بعد الأحزاب: ((لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة))، فصلى بعضهم قبلها، فقررهم على ذلك إذ فيه تقديم المصلحة (مصلحة إدراك الوقت) على النص، وحديث: ((لولا أن قومك حديثوا عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض، وجعلت لها بابين بابا شرقيا وبابا غربيا، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر، فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة)).

وهذا يدل على أن بناءها على قواعد إبراهيم هو الواجب، فتركه لمصلحة الناس. وذكر في ذلك آثارا عن الصحابة.

وأجيب:

أ - أن المصلحة أن الإمام مطاع في كل أوامره، وأن الشرع يقدم على أهواء الناس، ولكنه ترك هذه المصلحة هنا للنصوص.

ب - أن هذه القضايا حصلت في أمور العبادة، والطوفي لا يقول بتقديم المصالح على النصوص في أمور العبادات.

ج - أن المعارضة هنا ليست بين النصوص والمصالح، بل بين النصوص والنصوص، إذ من السنة إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم -.

د - ما ذكر من الآثار ما هي إلا اختلاف في الأفهام، واجتهادات الصحابة منها ما أقروا عليها، ومنها ما لم يقروا عليها، وقول الصحابي إذا خالف النص فلا عبرة به، وهذه المعارضة التي سلكها الصحابة رضوان الله عليهم لم تكن

من قبيل النظر في المصلحة المجردة عن الدليل، بل إنهم يستندون في ذلك إلى أدلة أخرى، فهذا اجتهاد في النصوص.

تنبيه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير