تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الطوفي بنى رأيه على فرض تضمن بعض النصوص ضررا يعارض مصلحة راجحة، وهذا خطأ وباطل، وعليه فتقديم المصلحة على النص والإجماع محال غير متصور الوقوع، فإن فرض مخالفة المصلحة للكتاب والسنة والإجماع مجرد فرض لا واقع له، ويشهد لذلك أنه لم يقدم لما فرضه مثالا واحدا من الواقع، والأعجب من هذا أن الطوفي نفسه قد مهد لبيان كون هذا محالا إذ ساق الأدلة على أن كتاب الله جاء مهتما بمصالح الخلق متضمنا لها واستدل لذلك بقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ? [سورة يونس الآية 57 - 58]، وذكر سبعة وجوه لدلالتها على ذلك [أدلة التشريع المختلف في الاحتجاج بها، ص (127)].

3 - أدلة الجماهير:

الدليل الأول: أن النصوص الشرعية قد اشتملت على المصالح الراجحة فلا يحتمل أن تعارض المصلحة مطلقا.

الدليل الثاني: لو فتح باب تغيير الأحكام الثابتة بالنصوص استنادا للمصالح، لكان في ذلك اندراس معالم الدين بالكلية، فهذا القول يفتح مجال العبث واللعب بأدلة الشريعة وأحكامها، بحجة المصلحة بل قد يبيح الزنا وبعض المعاملات الربوية وبعض المسكرات، وتوضع القوانين البشرية وتوجد المحرمات ويحارب شرع الله بحجة المصلحة المزعومة، أعاذ الله الأمة الإسلامية من ذلك. [أصول الفقه وابن تيمية، ص (464)].

الدليل الثالث: أن النصوص مراعية للمصالح بالإجماع، فلا سبيل لتعارض المصالح مع النصوص.

الدليل الرابع: أن العلماء مجمعون من العصور الأولى إلى عصر الطوفي على أن العبرة بالنصوص، ولا يلتفت لما يتوهم كونه مصلحة ما دامت معارضة للنصوص.

الدليل الخامس: قوله تعالى: ? قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ? [سورة البقرة الآية 219] فقد أثبت مصالح في الخمر والميسر ومع ذلك فهما محرمان بالاتفاق لقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ? [سورة المائدة الآية 90].

المبحث الثالث: المصلحة المرسلة:

1 - تحرير محل النزاع:

أ - نقل كثير من العلماء عدم جواز الاستصلاح في أحكام العبادات، لأنها تعبدية وليس للعقل سبيل إلى إدراك المصلحة الجزئية لكل منها.

وكذا لا يجوز اللاستصلاح في أحكام المقدرات كالحدود والكفارات وفروض الإرث وشهور العدة بعد الموت أو الطلاق، لأنها مثل أحكام العبادات حيث استأثر الشارع بعلم المصلحة فيما حدد به.

واختلف العلماء في بناء الأحكام على المصلحة المرسلة فيما عدا أحكام العبادات والمقدرات.

ب - حكى ابن قدامة في "روضة الناظر"(169)] الاتفاق على عدم جواز بناء الأحكام على المصالح المرسلة في رتبة الحاجيات والتحسينيات، وحصر الخلاف فيما كان في رتبة الضروريات.

ويلاحظ عليه عدم الضابط الدقيق الذي يمكن به معرفة الضروريات من الحاجيات، ثم إن النزاع موجود أيضا في رتبة التحسينيات والحاجيات.

2 - منشأ الخلاف:

قال د. التركي: معظم الغموض في هذه القواعد منشؤه الاكتفاء بالتراجم والمعاقد دون التهذيب بالأمثلة [أصول مذهب الإمام أحمد، ص (414)، وإرشاد الفحول، ص (208)].

وقال د. صالح المنصور: هذا النوع - المصالح المرسلة - لم يذكر له العلماء مثالا صحيحا مطابقا له، بل يكاد يكون متعذرا إذ أن المصالح التي قال بها الأئمة مصالح مشهود لجنسها بالاعتبار، ولا يتصور أن توجد واقعة مسكوت عنها في الشرع، لأنه يلزم منه عدم إكمال الدين والنعمة، وهذا خلاف ما أخبر الله به. [أصول الفقه وابن تيمية، ص (459)].

وقال الغزالي: والصحيح أن الاستدلال المرسل في الشرع لا يتصور حتى نتكلم فيه بنفي أو إثبات، إذ الوقائع لا حصر لها وكذا المصالح، وما من مسألة تفرض إلا وفي الشرع دليل عليها إما بالقبول أو بالرد، فإنا نعتقد استحالة خلو واقعة عن حكم الله تعالى. [المنخول، ص (395)].

3 - نوع الخلاف:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير