تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتوضيح ذلك أن دار الأرقم تاريخيا في رأي الدكتور عويد المطرفي رحمه الله كانت تقع في مكان دار الحديث، التي كانت موجودة في مكة حتى عام 1392 هجرية، قبل أن تتم إزالتها في أعمال التوسعة السعودية للمسجد الحرام، كما أن الحديث الذي رواه الحاكم يدل تاريخيا على امتداد الصفا إلى هذه الدار، وموقع دار الحديث اليوم هو في الجهة الشرقية من المسعى، يبتعد عن الحد الشرقي القديم له مسافة 20 مترا، أي أن الصفا له امتداد شرقي بتلك المسافة.

ومن خلال تتبع رواة الحديث والتأكد من صحته يتبين لنا أن الرواية المحتج بها في إسنادها رجلان متهمان بالكذب والوضع وهما:

الحسين بن الفرج الخياط ومحمد بن عمر الواقدي.

أما الأول فقد قال عنه الحافظ الذهبي: قال ابن معين كذاب يسرق الحديث انظر فيض القدير 2/ 17، وقال عنه ابن أبي حاتم الرازي في الجرح والتعديل 3/ 62 حدثنا الحسين بن الحسن قال سألت يحيى بن معين عن الحسين الخياط الذي قدم الري فقال كذاب صاحب سكر شاطر.

وأما الثاني وهو الواقدي فقد قال عنه إسحاق بن راهويه: يضع الحديث.

وقال ابن عدي في الكامل: قال معاوية قال لي أحمد بن حنبل: الواقدي كذاب.

وقال الشافعي: كتب الواقدي كذب.

وقال مسلم وغيره: متروك الحديث.

وقال أبو داود لا أنقل حديثه ما أشك أنه كان ينقل الحديث.

وقال النسائي: المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة ابن أبي يحيى بالمدينة والواقدي ببغداد ومقاتل بن سليمان بخراسان ومحمد بن سعيد بالشام.

وقال أبو زرعة ترك الناس حديث الواقدي.

قال الذهبي: انعقد الإجماع اليوم على أنه ليس بحجة وأن حديثه في عداد الواهي.

(سير أعلام النبلاء للذهبي ج 9/ 454 - 469)

وبذلك تكون هذه الرواية عند أهل العلم بالحديث والروايات شديدة الضعف أو موضوعة، لا يصح الاحتجاج بها أو الاعتماد عليها، ولعل الدكتور المطرفي رحمه الله حين احتج بها لم يطلع على ضعفها، وما ذكره أهل العلم بالحديث في رجال إسنادها، والعذر الذي نلتمسه له في ذلك هو أن كثيرا من كتب الحديث لا تتقيد غالبا بالصحة فيما ترويه، وتكتفي في العادة بذكر الإسناد فقط، فلعل الدكتور رحمه الله اكتفى بنقل هذه الرواية من بعض تلك الكتب مع الإسناد إليها، معتمدا على ما عرف عن أصحابها من التحقيق والعلم، ظانا أن ذلك يكفي في الاحتجاج بها، دون أن يتأكد هو بنفسه من صحتها، والله أعلم.

أما بالنسبة لموقع دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي رضي الله عنه فلعل رأي الدكتور رحمه الله في ذلك يخالف رأي كثير من العلماء والمؤرخين، كالإمامين الأزرقي والفاكهي رحمهما الله والعلامة الفاسي، الذين يرون أنها كانت تقع مباشرة على الحد الشرقي للصفا المعروف والمشاهد عند نهاية المسعى القديم (انظر أخبار مكة للفاكهي ج 3 ص 498 وأخبار مكة للأزرقي ج2/ص206)، متصلة بدار القاضي محمد بن عبد الرحمن السفياني المتصلة بدورها بدار محمد بن عباد بن جعفر العائذي، وهما داران تقعان في الجهة الشرقية من المسعى القديم متصلتان به.

أما دار ابن عباد رحمه الله فقد كان أكثرها واقعا في المسعى، إلى زمن التوسعة الثانية للخليفة العباسي المهدي رحمه الله في المسجد الحرام، عندما هدم أكثرها وجعل المسعى والوادي فيها، وبقي منها جزء لاصق بأصل جبل أبي قبيس، لم يضمه للمسعى والوادي، عليه العلم الأخضر الأول بالنسبة للنازل من الصفا (انظر أخبار مكة للفاكهي حيث قال: دار عباد بن جعفر عند العلم الأخضر 3/ 498) وبالتالي فهي شارعة على المسعى قطعا.

وأما دار القاضي محمد بن عبد الرحمن السفياني رحمه الله فقد كانت مشرفة على منارة المسجد الحرام والوادي كما نص على ذلك الفاكهي، حيث قال: " دار القاضي محمد بن عبد الرحمن السفياني مشرعة على منارة المسجد والوادي" (3/ 498). وهو دليل على أنها كانت تطل على المسعى أيضا، لأمور:

أولا: أن منارة المسجد الحرام كانت تطل على المسعى القديم مباشرة، وبالتالي فكون دار القاضي كانت تطل على منارة المسجد دليل على أنها كانت تطل على المسعى أيضا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير