تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

منذ زمن النبي عليه الصلاة والسلام كانت متراصة في مقابلة الواجهة الشرقية من المسجد الحرام، من جهتي المسعى، كما هو الحال مع بقية الواجهات الأخرى له، حيث كانت هناك دور تفصل بين المسجد الحرام والمسعى، وهي الدور التي أدخلت في المسجد الحرام في زيادة الخليفة العباسي المهدي رحمه الله الأولى، تقابلها دور تطل على المسعى من الناحية الشرقية، مثل دار العباس التي عليها العلم الأخضر الأول بالنسبة للمقبل من المروة، والذي يمثل الحد الشرقي للمسعى القديم، بل إن بعضا منها كان واقعا في أرض المسعى نفسها، ولذلك تمت إزالته في التوسعة الثانية للمهدي، وهي دار محمد بن عباد بن جعفر رحمه الله. قال عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: السعي من دار ابن عباد إلى زقاق بني حسين. رواه البخاري وقال الأزرقي رحمه الله (2/ 15): قال ابن جريج أخبرني نافع قال: فينزل ابن عمر من الصفا فيمشي حتى إذا جاء باب دار بني عباد سعى حتى ينتهي إلى الزقاق الذي يسلك إلى المسجد، الذي بين دار ابن أبي حسين ودار ابنة قرظة.

وقال أيضا: فاشترى [أي المهدي] جميع ما كان بين المسعى والمسجد من الدور فهدمها ووضع المسجد على ما هو اليوم شارعا على المسعى. (2/ 137)

وقال (2/ 195): وللعباس بن عبد المطلب أيضا الدار التي بين الصفا والمروة التي بيد ولد موسى بن عيسى التي إلى جنب الدار التي بيد جعفر بن سليمان، ودار العباس هي الدار المنقوشة التي عندها العلم الذي يسعى منه من جاء من المروة إلى الصفا بأصلها، ويزعمون أنها كانت لهاشم بن عبد مناف.

وقال أيضا (2/ 206): ومن حق آل عايذ دار عباد بن جعفر بن رفاعة بن أمية بن عايذ في أصل جبل أبي قبيس، من دار القاضي محمد بن عبد الرحمن السفياني إلى دار ابن صيفي، التي صارت ليحيى بن خالد بن برمك، إلى منارة المسجد الحرام الشارعة على المسعى، وكان بابها، عند المنارة ومن عند بابها كان يسعى من اقبل من الصفا يريد المروة.

وانظر أيضا ما ذكره الأرزرقي عن دار الخطاب بن نفيل ودار جبير بن مطعم وربع آل الأزهر وآل قارظ القاريين وآل أنمار ودار مخرمة بن نوفل وغيرها (تاريخ مكة 2/ 195: 207)

فهذه النصوص وغيرها تدل على أن المسعى القديم كان منذ زمن النبي عليه الصلاة والسلام محاطا بالدور من الجانبين، ومحددا بها، ولم يكن مجالا رحبا يمكن معه الالتباس في الخروج عن البينية.

2: ما ذكره الدكتور سلمان بن فهد العودة أيضا من أن المسعى لم يكن قبل التوسعة السعودية مستقيمًا، بل كان منحنيًا متقوسًا، كما يعرف ذلك من رسومات وصور المسعى قبل التوسعة، ومنها الرسوم التي في الرحلات الحجازية، وخريطة هيئة المساحة المصرية لعام (1948م) والتي تظهر الميلان الواضح، مع أن المسعى القديم مستقيم غير منحنٍ، وهذا يدل على إدخال بعض الأجزاء التي كانت خارجة عنه إليه، أو إخراج بعض ما كان فيه خارجًا عنه. (بحث في المسعى الجديد ص 2 سلمان بن فهد العودة)

والذي ينبغي ذكره هنا والتنبيه عليه هو أن العلماء المانعين لا ينكرون حصول تغير في عرض المسعى في زمن الخليفة العباسي المهدي رحمه الله أدى إلى انحنائه وعدم استقامته، وذلك بسبب أخذ الخليفة لجزء من المسعى مما يلي الركن الجنوبي الشرقي من المسجد الحرام وإدخاله في المسجد، مع القيام بهدم أكثر دار ابن عباد بن جعفر وجعل المسعى والوادي فيها، كما نص على ذلك الأزرقي والفاكهي رحمهما الله، وترك جزءا منها بسبب وقوعه في أصل جبل أبي قبيس. انظر (أخبار مكة للأزرقي الجزء 1 ص 138، 139 و الجزء 2/ 206) وانظر أيضا (أخبار مكة للفاكهي ج 3 ص 467 و ج 5 ص 385) وهذا يؤيد أن المسعى في الماضي كان أوسع مما هو عليه

الآن، لكن من الجهة الغربية، وهي جهة المسجد الحرام، وليس الجهة الشرقية، وسيأتي مزيد توضيح لذلك من خلال شرح التطور التاريخي للمسعى في أدلة المانعين.

المطلب الثاني

عرض استدلال العلماء المانعين على أن التوسعة الجديدة

للمسعى خارجة عن الحدود العرضية للصفا والمروة

يرى العلماء المانعون أن التوسعة الجديدة للمسعى خارجة عن الحد الشرقي لجبلي الصفا والمروة، و لا تتحقق فيها البينية ولا المسامتة (أي المحاذاة) لهما، واستدلوا على ذلك بأربعة أدلة، وهي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير