فكذا نحن هنا لا نعتبر الخلاف لأن المدار على العلم الذي لا لبس فيه ولا شبهة ومع ذلك يصر على رد الحكم كما ذكرت في المثال
4. لو استحل رجل محرماً مختلفاً فيه بلغه تحريمه واعترف بصحة ثبوته و دلالته على التحريم ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
المثال الأول:
رجل قال: يجوز إتيان الزوجة في الدبر فقيل له: ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم ذلك فقال: أعلم ثبوتها ودلالتها على التحريم ولكن أنا أقول هذا حلال.
المثال الثاني:
رجل قال: يباح ربا الفضل. فقيل له ثبتت الأحاديث بحرمة ذلك فقال: أعلم ثبوتها ودلالتها على التحريم ولكن أنا أقول حلال. (تنبيه: رد السبكي دعوى الإجماع على تحريم ربا الفضل)
المثال الثالث:
استحل النبيذ المسكر المختلف فيه _ لا المجمع عليه _ فبينت له الدليل فقال لك: أنا أعلم بالدليل منك ودلالته واضحة ولكن تحريم هذا الحكم لا يعجبني أو نحوه فما تقول فيه؟؟
هل يكفر من استحل مثل هذا؟ أما يقال لا يكفر ولو علم أن هذه حرام قطعاً لأنه غير مجمع على تحريمه؟!!!!
أظن أن كل مسلم يستعظم ذلك
المثال الرابع:
رجل قال المعازف حلال فقيل له الأحاديث كثيرة في تحريم المعازف. فقال: أعلم ثبوتها ودلالتها على التحريم ولكن أنا أقول حلال
5. ولو أن شخصاً ثبت عنده القرآن بطريق ظني ورده فإنه يكفر كأن يكون رجل في قرية لا يعرف فيها شيئاً عن الإسلام و أخبره بعض المسلمين بالقرآن ولكن لم يصل إلى درجة القطع بل غلب على ظنه صدقهم ولم يجزم فإنه إذا رده فإنه يكفر مع أنه غلب على ظنه ولم يتيقن
ويوجد من العلماء من اشترط كون الأمر مجمعاً عليه وسبق أن ذكرت شيئاً من أقوالهم ولكن أزيد بعضها هنا:
1. قال العدوي في حاشيته على شرح كفاية الطالب الرباني: قَوْلُهُ (أو اسْتَحَلَّ الخ) أَيْ أَنْكَرَ أَمْرًا مُجْمَعًا عليه بِالضَّرُورَةِ هذا هو مَحَلُّ الْكُفْرِ
2. جاء في الشرح الكبير للدردير في ذكر الأمور التي تخرج من الإسلام: (أو جوز اكتساب النبوة) لأنه خلاف إجماع المسلمين ولأنه يستلزم جواز وقوعها بعد النبي (أو ادعى أنه يصعد) بجسده (للسماء) أو يدخل الجنة ويأكل من ثمارها (أو) ادعى أنه (يعانق الحور) العين يقظة فكفر لأنهن نساء الجنة فلا يظهرن في الدنيا إجماعا فتأمل (أو استحل) حراما علمت حرمته من الدين ضرورة (كالشرب) للخمر أو جحد حل مجمع على إباحته أو وجوب مجمع على وجوبه أي مما علم من الدين ضرورة فلو قال أو جحد حكما علم من الدين ضرورة لكان أحسن، فخرج ما أجمع عليه ولم يكن معلوما بالضرورة كوجوب إعطاء السدس لبنت الابن مع وجود البنت. اهـ
فزاد أن يكون مع الإجماع كون الحكم معلوماً من الدين ضرورة
3. قال في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى لمصطفى السيوطي الرحيباني: بخلاف من استحل ذلك بلا تأويل كجحد (تحريم زنا أو) جحد تحريم (لحم) ميتة مجمع على تحريمها كفر لأن العلم بتحريمها لا يكاد يخفى (لا) إن جحد تحريم شحم الخنزير) وكليته وكبده وطحاله؛ للاختلاف بحل ذلك كما يأتي في الأطعمة بخلاف تحريم لحمة؛ فانه ثابت بنص القرآن أو جحد تحريم (حشيشة) كفر بلا نزاع (أو) جحد (حل خبز ونحوه) كلحم مذكاة بهيمة الانعام والدجاج (أو شك فيه) أي في تحريم زنا ولحم خنزير أو في حل خبز ونحوه (ومثله لا يجهله) لكونه نشأ بين المسلمين (أو) كان (يجهله) مثله (وعرف) حكمه؛ (واصر على الجحد والشك؛ كفر؛ لمعاندته الاسلام؛ وامتناعه من قبول الاحكام غير قابل لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة (أو سجد لصنم أو كوكب) كشمس أو قمر؛ كفر؛ لأنه أشرك به سبحانه وتعالى. وقال ابن عابدين: مطلب إذا ستحل المحرم على وجه الظن لا يكفر كما لو ظن علم الغيب
وعلم من مسائلهم هنا أن من استحل ما حرمه الله تعالى على وجه الظن لا يكفر وإنما يكفر إذا اعتقد الحرام حلالا. اهـ