تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْكَوَائِن فِي الْمُسْتَقْبَل، وَيَدَّعِي مَعْرِفَة الْأَسْرَار، وَالْعَرَّاف يَتَعَاطَى مَعْرِفَة الشَّيْء الْمَسْرُوق، وَمَكَان الضَّالَّة وَنَحْوهمَا، وَقَالَ الْخَطَّابِيّ أَيْضًا فِي حَدِيث (مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُول فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كَانَ فِي الْعَرَب كَهَنَة يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ كَثِيرًا مِنْ الْأُمُور، مِنْهُمْ مَنْ يَزْعُم أَنَّ لَهُ رِئْيًا مِنْ الْجِنّ يُلْقِي إِلَيْهِ الْأَخْبَار، وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي اِسْتِدْرَاك ذَلِكَ بِفَهْمٍ أُعْطِيه وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمَّى: عَرَّافًا وَهُوَ الَّذِي يَزْعُم مَعْرِفَة الْأُمُور بِمُقَدِّمَاتِ أَسْبَاب اِسْتَدَلَّ بِهَا، كَمَعْرِفَةِ مَنْ سَرَقَ الشَّيْء الْفُلَانِيّ، وَمَعْرِفَة مَنْ يُتَّهَم بِهِ الْمَرْأَة، وَنَحْو ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي الْمُنَجِّم كَاهِنًا قَالَ: وَالْحَدِيث يَشْتَمِل عَلَى النَّهْي عَنْ إِتْيَان هَؤُلَاءِ كُلّهمْ، وَالرُّجُوع إِلَى قَوْلهمْ وَتَصْدِيقهمْ فِيمَا يَدَّعُونَهُ. هَذَا كَلَام الْخَطَّابِيّ وَهُوَ نَفِيس).

ومن الأدلة أيضا:- ما رواه أبو داود في سننه قال:- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَكِيمٍ الأَثْرَمِ عَنْ أَبِى تَمِيمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ أَتَى كَاهِنًا». قَالَ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ «فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ» ثُمَّ اتَّفَقَا «أَوْ أَتَى امْرَأَةً» قَالَ مُسَدَّدٌ «امْرَأَتَهُ حَائِضًا أَوْ أَتَى امْرَأَةً» قَالَ مُسَدَّدٌ «امْرَأَتَهُ فِى دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ» قال الأزهري (وَكَانَتْ الْكِهَانَة فِي الْعَرَب قَبْل مَبْعَث النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بُعِثَ نَبِيًّا وَحُرِسَتْ السَّمَاء بِالشُّهُبِ وَمُنِعَتْ الْجِنّ وَالشَّيَاطِين مِنْ اِسْتِرَاق السَّمْع وَإِلْقَائِهِ إِلَى الْكَهَنَة بَطَلَ عِلْم الْكِهَانَة وَأَزْهَق اللَّه أَبَاطِيل الْكِهَانَة بِالْفُرْقَانِ الَّذِي فَرَّقَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهِ بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل وَأَطْلَعَ اللَّه سُبْحَانه نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَحْيِ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ عِلْم الْغُيُوب الَّتِي عَجَزَ الْكَهَنَة عَنْ الْإِحَاطَة بِهِ، فَلَا كِهَانَة الْيَوْم بِحَمْدِ اللَّه وَمَنّهُ وَإِغْنَائِهِ بِالتَّنْزِيلِ عَنْهَا) قَالَ اِبْن الْأَثِير: وَقَوْله مَنْ أَتَى كَاهِنًا يَشْتَمِل عَلَى إِتْيَان الْكَاهِن وَالْعَرَّاف وَالْمُنَجِّم) قلت:- قوله في الحديث " من أتى " هذا إطلاق في الإتيان، فلم يفصل بين إتيان وإتيان، والمتقرر في القواعد أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال منزل منزلة العموم في المقال، والمتقرر أن الأصل هو البقاء على العموم حتى يرد المخصص، فمن أخرج من العموم إتيان المريض للاستشفاء عند الكهان والسحرة فقد خصص العموم بلا دليل، وكلامه لاغ، لأن المتقرر أن الأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل، ولأن العام من كلام الله ورسوله لا يخصص إلا بكلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقوله " كاهنا " نكرة، وقوله " من أتى " هذا شرط، فلفظ الكاهن في هذا الحديث نكرة في سياق الشرط، والمتقرر في القواعد أن النكرة في سياق الشرط تعم فيدخل فيه الإتيان لكل من يطلق عليه أنه كاهن، فالكاهن أو الساحر الذي يأتيه من يريد الاستشفاء بما عنده من الكهانة والسحر داخل في عموم هذا النهي، ومن أخرجه من النهي فإنه مطالب بالدليل الدال على هذا التخصيص، وانظر كيف عقوبة من فعل هذا، فإنه يكون كافرا بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا من جملة أحاديث الوعيد التي لا يتعرض لها بتأويل يخرجها عن مقصودها الذي من أجله سيقت له، وهذا ظاهر في تحريم إتيانهم على أي وجه كان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير