ومذهب أبي حنيفة - خلافاً لصاحبيه - أنّه يصحّ بيع آلات اللّهو كلّها، وهو أيضاً قول ضعيف عند الشّافعيّة، مقيّد بأن يمكن اعتبار مكسّرها مالاً، ففيها نفع متوقّع عندئذ.
وفي الوقت الّذي يرى الصّاحبان أنّ آلات اللّهو معدّة للمعصية، موضوعة للفسق والفساد - كما هو تعبير الكاسانيّ - فلا تكون أموالاً فيبطل تقوّمها، كالخمر.
يرى أبو حنيفة أنّها أموال لصلاحيتها لما يحلّ من وجوه الانتفاع، بأن تجعل ظروفاً لأشياء، ونحو ذلك من المصالح، وإن صلحت لما لا يحلّ فصارت كالأمة المغنّية، وهذا لأنّ الفساد بفعل فاعل مختار، فلا يوجب سقوط التّقوّم.
وجواز البيع مرتّب على الماليّة والتّقوّم.
فيكون التحريم عند الصاحبان في الصنم والصليب أشد وعند أبو حنيفة يقال كذلك في الأصنام والصلبان - إن أمكن أن ينتفع بها بعد الكسر أو تستخدم إستخداما اخر غير العبادة فلعل هذا هو ما يجيزه (فيما نقل السرخسي) أما أن يكون يجيز أن تباع لتعبد فهذا ما لا أتصوره من الإمام
وفي موضع اخر:
"ذهب أبو حنيفة إلى أنّه: لا يكره بيع ما لم تقم المعصية به، كبيع الكبش النّطوح، والحمامة الطّيّارة، والخشب ممّن يتّخذ منه المعازف.
بخلاف بيع السّلاح من أهل الفتنة، لأنّ المعصية تقوم بعينه، وهي الإعانة على الإثم والعدوان، وإنّه منهيّ عنه.
بخلاف بيع ما يتّخذ منه السّلاح كالحديد، لأنّه ليس معدّاً للقتال، فلا يتحقّق معنى الإعانة.
وذهب الصّاحبان من الحنفيّة، إلى أنّه لا ينبغي للمسلم أن يفعل ذلك، لأنّه إعانة على المعصية، فهو مكروه عندهما، خلافاً للإمام، وليس بحرام، خلافاً لما ذهب إليه الجمهور.
وبحث الحنفيّة نظير هذه المسألة في الإجارة، كما سبق عند الحنابلة، كما لو آجر شخص نفسه ليعمل في بناء كنيسة، أو ليحمل خمر الذّمّيّ بنفسه أو على دابّته، أو ليرعى له الخنازير، أو آجر بيتاً ليتّخذ بيت نار، أو كنيسةً أو بيعةً، أو يباع فيه الخمر، جاز له ذلك عند أبي حنيفة، لأنّه لا معصية في عين العمل، وإنّما المعصية بفعل المستأجر، وهو فعل فاعل مختار كشربه الخمر وبيعها، ففي هذا يقول المرغينانيّ: إنّ الإجارة ترد على منفعة البيت «ونحوه» ولهذا تجب الأجرة بمجرّد التّسليم، ولا معصية فيه، وإنّما المعصية بفعل المستأجر، وهو مختار فيه، فقطع نسبته عنه.
ويرى الصّاحبان كراهة ذلك، لما فيه من الإعانة على المعصية.
وطرح بعض الحنفيّة هذا الضّابط: وهو أنّ ما قامت المعصية بعينه، يكره بيعه تحريماً «كبيع السّلاح من أهل الفتنة» وما لم تقم بعينه يكره تنزيهاً."
ويقال كذلك أنّ ما قامت المعصية بعينه، يكره بيعه تحريماً عند الأحناف «كبيع الصلبان للنصارى» و «كبيع الأصنام لأهل الأوثان»
وهذه بعض النقولات الاخرى:
(قال ابن حجر في الفتح) وَالْعِلَّة فِي مَنْع بَيْع الْأَصْنَام عَدَم الْمَنْفَعَة الْمُبَاحَة، فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ إِذَا كُسِرَتْ يُنْتَفَع بِرُضَاضِهَا جَازَ بَيْعهَا عِنْد بَعْض الْعُلَمَاء مِنْ الشَّافِعِيَّة وَغَيْرهمْ، وَالْأَكْثَر عَلَى الْمَنْع حَمْلًا لِلنَّهْيِ عَلَى ظَاهِره، وَالظَّاهِر أَنَّ النَّهْي عَنْ بَيْعهَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِير عَنْهَا، وَيَلْتَحِق بِهَا فِي الْحُكْم الصُّلْبَان الَّتِي تُعَظِّمهَا النَّصَارَى وَيَحْرُم نَحْت جَمِيع ذَلِكَ وَصَنْعَته
(قال ابن بطال:) وقال ابن المنذر: فى معنى الأصنام الصور المتخذة من المدد والخشب وشبهها، وكل ما يتخذ الناس مما لا منفعة فيه إلا للهو المنهى عنه فلا يجوز بيع شىء منه إلا الأصنام التى تكون من الذهب والفضة والحديد والرصاص إذا غيرت عما هى عليه وصارت نقراُ، أو قطعا، فيجوز بيعها والشراء بها.
وأختم بما قاله الشيخ عطية سالم رحمه الله:
حكم بيع الأصنام والانتفاع بها
¥