تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القصد-بعون الله- إلى هدم أركانها و تقويض بنيانها الذي هو على شفاجرف هار الواحدة تلو الأخرى-غير مدع علما و لا طالبا دنيابل من باب النصيحة لله عز و جل و لرسوله صلى الله عليه و سلم و لأئمة المؤمنين و عامتهم - مبتدئا بضلالة ألحقت بشعيرة من أعظم شعائر الدين و أعني الأذانات الثلاثة يوم الجمعة بين يدي الخطيب وهو على المنبر. فأقول و بالله التوفيق و عليه التكلان:

اعلم-عصمنا الله و إياك من القواصم-أن المقرر في كتب العلماء-على اختلاف مذاهبهم-أن صلاة الجمعة من فروض الأعيان (1)، وجبت على المسلمين بالكتاب والسنة. فأما من الكتاب فبقوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيعذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون). (2) و أما من السنة فعن ابن مسعود و ابن عمر-رضي الله عنهم-أنهما سمعا رسول الله-صلى الله عليه و آله و سلم- يقول على أعواد منبره: (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين)، (3) و عن ابن مسعود-رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه و آله وسلم-قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: (لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم) (4).ثم إن لصلاة الجمعة أحكاما تمتاز بها عن غيرها من الصلوات المكتوبة منها ما هو من قبيل السنن المستحبات و منها ما هو من باب الفروض الواجبات و ذلك كالغسل و التبكير و التطيب والخطبة إلى غير ذلك مما هو مذكور في مظانه من كتب الفقه و الحديث.


1 - الدرالمختار (1/ 747) و الشرح الصغير (1/ 493) و المغني (2/ 294 و ما بعدها)
2 - سورة الجمعةآية 9.
3 - مسلم: (الصحيح كتاب الجمعة: باب التغليظ في ترك الجمعة2/ 591 رقم 865) والدارمي في (السنن 1/ 368 - 369) و البيهقي في (السنن الكبرى 3/ 171).
4 - أخرجه جمع منالأئمة منهم: مسلم (الصحيح كتاب المساجد و مواضع الصلاة: باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها:1/ 452 رقم 652) و أحمد (المسند1:/402و422و449و461) والحاكم (المستدرك:1/ 292).

و كيف لا تميز عن غيرها و هي عبادة شرعت ليوم هو خير الأيام، قال رسول الله-صلى الله عليه و سلم-: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، و فيه أدخل الجنة، و فيه أخرج منها). (1) و في كل هذا دليل على عظم أجر صلاة الجمعة و جزيل ثوابها فطوبى لمن أقامها كما أمر بها.
فإذا أدركت هذا-وفقنا الله و إياك لتقاته-فاعلم أن ثواب الجمعة لا يكون تاما إلا لمن أتى بها على أكمل وجه و أحسنه و تلك كانت حال السلف الصالح. لكن حين قل زاد الناس من العلم و اعتلت أفهامهم قصروا في أداء هذه الفريضة الجليلة بابتداعهم فيها أمورا منكرة لا تجزئهم، من ذلك-و هو المرام من هذه الرسالة-أن يؤذن ثلاثة مؤذنين حين جلوس الإمام على المنبر معتقدين أن ذلك هو الصواب الذي لا مرية فيه و به يدينون رب العباد. و-لعمري-ما عملهم هذا إلا مبير لا سهم له من المحجة
البيضاء، و فعل الرسول-صلى الله عليه و سلم-و أصحابه-رضي الله عنهم-خلافه:
فعن السائب بن يزيد-رضي الله عنه-قال:"لم يكن للنبي-صلى الله عليه و سلم-مؤذن غير واحد، و كان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام على المنبر" (2) فعلى هذا كان العمل زمن النبي-صلى الله عليه و آله و سلم-و أبي بكر و عمر-رضي الله عنهما-،فلما كانت خلافة عثمان بن عفان-رضي

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير