تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإقامة، كما قال النبي-صلى الله عليه و سلم-:بين كل أذانين صلاة لمن شاء. يعني الأذان و الإقامة فتوهم الناس أنه أذان أصلي فجعلوا المؤذنين ثلاثة فكان وهما، ثم جمعوهم في وقت واحد فكان وهما علىوهم) (3).وقال أيضا: (و أما بالمغرب فيؤذن ثلاثة من المؤذنين لجهل المفتين، فإنهم لماسمعوا أنها ثلاثة لم يفهموا أن الإقامة هي النداء الثالث، فجمعوها و جعلوها ثلاثة غفلة و جهلا بالسنة) (4).و أما محمد الطاهر بن عاشور-و هو من علماء تونس المالكيةالمتأخرين-فقال: (فتوهم كثير من أهل الأمصار أن الأذان لصلاة الجمعة ثلاث مرات، لهذا تراهم يؤذنون في جوامع تونس ثلاثة أذانات و هو بدعة). (5) وقال ابن رشدالحفيد: (و أما الأذان فإن جمهور

1 - أنظر أحكام ابن العربي4/ 180 وأحكام القرطبي 18/ 100 و عارضة الأحوذي2/ 305

2 - أخرجه البخاري في الصحيح (الجمعةباب الأذان يوم الجمعة)

3 - أحكام ابن العربي4/ 1804

4 - عارضةالأحوذي2/ 305

5 - التحرير و التنوير28/ 225

الفقهاء اتفقوا على أن وقته هو إذا جلس الإمام على المنبر، واختلفوا هل يؤذن بين يدي الإمام مؤذن واحد فقط أو أكثر من واحد. فذهب بعضهم إلى أنه إنما يؤذن بين يدي الإمام مؤذن واحد فقط و هو الذي يحرم البيع و الشراء و قال آخرون بل يؤذن اثنان فقط و قال قوم إنما يؤذن ثلاثة. و السبب في اختلافهم اختلاف الآثار في ذلك. و ذلك أنه روى البخاري عن السائب بن يزيد أنه قال:" لم يكن للنبي-صلى الله عليه و سلم-مؤذن غير واحد، و كان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام على المنبر"و روى-أيضا-عن السائب بن يزيد أنه قال:"لم يكن يوم الجمعة لرسول الله إلا مؤذن واحد"،و روى-أيضا-عن سعيد بن المسيب أنه قال:"كان الأذان يوم الجمعة على عهد رسول الله و أبي بكر و عمر أذانا واحدا حين يخرج الإمام فلما كان زمان عثمان و كثر الناس فزاد الأذان الأول ليتهيأ الناس للجمعة"، و روى ابن حبيب أن المؤذنين كانوا يوم الجمعة على عهد رسول الله ثلاثة) (1) إلى أن قال-و أعني ابن رشد-: (و أخذ آخرون بما رواه ابن حبيب، و أحاديث ابن حبيب عند أهل الحديث ضعيفة و لا سيما بما انفرد به). (2) فانظر إلى نقل ابن رشد-رحمه الله- تضعيف المحدثين لما رواه ابن حبيب من أحاديث و منها هذا الحديث في أذان الجمعة بل انطر غير مأمور قول ابن حجر العسقلاني-رحمه الله في الفتح يرد على ابن حبيبوعرف بهذا الرد على ما ذكر ابن حبيب أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رقي المنبر وجلس أذن المؤذنون وكانوا ثلاثة واحد بعد واحد , فإذا فرغ الثالث قام فخطب , فإنه دعوى تحتاج لدليل , ولم يرد ذلك صريحا من طريق متصلة يثبت مثلها , و الحديث الضعيف-على الراجح من أقوال العلماء المعتبرين-لا يعمل به في باب فضائل الأعمال و الترغيب و الترهيب بله باب الأحكام وذا خوف الابتداع


1و2 - بداية المجتهد و نهاية المقتصد من موقع (الإيمان)

قال محدث العصر الشيخ الألباني-رحمه الله-: (و الحقيقة أن تساهل العلماء
برواية الأحاديث الضعيفة ساكتين عنها قد كان من أكبر الأسباب القوية التي حملت الناس على الابتداع في الدين فإن كثيرا من العبادات التي عليها كثير منهم اليوم إنما أصلها اعتمادهم على الأحاديث الواهية بل و الموضوعة). (1)
و ها أنت ترى-رحمنا الله و إياك برحمته الواسعة-بما ذكرنا من النصوص الصريحة القطعية و من أقوال بعض أهل العلم المعتبرين أن ما جرى عليه العمل ببلاد المغرب من التأذين ثلاث مرات لصلاة الجمعة إنما هو عمل محدث لا يقر به إلا سفيه بادي الرأي لجم عقله إلا عن الجمود و تقليد الآباء
بلا دليل شرعي أو فهم صحيح بل بشبه واهية و ظنون مرجوحة، (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن و إن أنتم إلا تخرصون) (2)
فإذا تقرر لك ما سلف و دريت بدعية هذا الأمر فاعلم أنه قد قامت عليك الحجة و صار من اللازم اللازب عليك أن تنهى عن هذا المنكر امتثالا لقول الله-سبحانه و تعالى-: (و أمر بالمعروف و انه عن المنكر)، (2) وقول خير الخلق-صلى الله عليه و آله و سلم-: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان) (3). فانه عن هذه البدعة الضلالة بيدك إن كان لك من السلطان و القوة ما يمكنك من

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير