ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[25 - 10 - 09, 01:04 ص]ـ
الفصل الثاني:
تلقين أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام المتهم ما يدرأ عنه الحد.
هيئة التحقيق والادعاء العام منذ إنشائها تقوم على أساس أنها هي الجهة المُخَوَّلَةُ بالتحقيق في الجرائم الجنائية ويدخل فيها جميع الحدود كالزنا والسرقة والردة وغيرها، كما أنَّهُ من المتعارف عليه في نظيراتها في دول العالم أنَّ الهيئة أو النيابة العامة هي جهةُ اتهام وهذا يعطي دلالةً على أنَّ محاولة إيجاد ما يدفع التهمة عن المتهم ليس من اختصاصها سواءً كانَ هذا بتلقين المتهم أو بغيرِهِ.
بل إنَّه بالنظر إلى مسمَّى عضو الهيئة والذي يعمل مباشرةً في التحقيق (محقق) يجد أنَّ من أساس مهامه أنْ يحاول الوصول إلى الحقيقة أيًّا كانت هذه الحقيقة، وأن يقدم هذه الحقيقة للمدعي العام للترافع أمام المحكمة المختصة.
ومع ما تقدم فإننا سنستعرض بعض الأنظمة ذات العلاقة لنستشرف منها ما يَخُصُّ موضوعنا، وهل يَحِقُّ لعضو الهيئة أن يقوم بتلقين المتهم تلميحًا أو تصريحًا أم لا؟
وفي هذا الموضوع تشير المادة الأولى بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية على أنَّهُ: يجب على المُحقِّق عند حضور المتهم الأول مرة في التحقيق، أن يُدوِّنَ جميع البيانات الشخصية الخاصة بِه ويُحيطُه عِلمًا بالتُهمة المنسوبة إليه، ويُثبِت في المحضر ما يُبديه المتهم في شأنِها من أقوال. وللمُحقِّق أن يواجِهَهُ بغيرِه من المُتهمين أو الشهود. ويوقِع المتهم على أقوالِه بعد تلاوتِها عليه، فإذا امتنع أثبت المُحقِّق امتِناعُه عن التوقيع في المحضر.
فهذه المادة والتي تحكي واجب المحقق في القضايا الجنائية أنْ يحيط المتهم بالتهمة المنسوبة له، ويثبت ما يُبْدِيه المتهم في شأنها فقط دون إيحاء أو إيعاز بشيءٍ؛ بل عليه أنْ يواجهه ببقية المتهمين والشهود الذين يشهدون بقيامِهِ بالجرمِ، ومَنْ يَحِقُّ له أنْ يُلقِّن المتهم لا يُطالب بهذه الإجراءات التي قد تدعوه إلى الإقرار أو إثبات التهمة المنسوبة إليه!
بل إنَّ المادة السادسة والعشرون بعد المائة تنصُّ على أنه: إذا رأى المُحقِّق بعد انتِهاء التحقيق أن الأدِلة كافية ضِد المُتهم تُرفع الدعوى إلى المحكمة المُختصة، ويُكلَّف المُتهم بالحضور أمامَها.
فعندما يتضح للمحقق أنَّ المتهم قام بفعل الجريمة بالأدلة الكافية، فيرفع الدعوى مباشرةً، فهذه هي مهمته الموكلة إليه.
ويؤكد هذا ما نصَّ عليه مشروع اللائحة التنظيمية لنظام هيئة التحقيق والادعاء العام في المادة (الخامسة) الفقرة (2): تشمل اختصاصات المحقق البحث عن الأدلة، وجمعها، وتقويمها، والقيام بكل ما يتطلبُهُ التحقيق من إجراءات لجلاء الحقيقة؛ وفقًا للأنظمة والتعليمات وما تقضي به هذه اللائحة.
وهذه الإجراءات لا يُطالب بها إلا من ينبغي عليه البحث عن الحقيقة وإثباتها.
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[25 - 10 - 09, 01:06 ص]ـ
الفصل الثالث:
تلقين القاضي المتهم ما يدرأ عنه الحد.
مهمة القاضي في الشريعة الإسلامية مهمةٌ صعبة، ولهذا تتابع السلف على الفرار منها، فقد سُلِّطَ على رقاب الناس وأبشارهم وأموالهم، وهذا أمر ليس باليسير.
ولهذا لجأ بعض القضاة إلى تلقين المتهم ما يدرأ بِهِ الحد خوفًا من إقامة الحدِّ بالقتل أو القطع أو الجلد والتغريب، وحجتهم في ذلك (درء الحدود بالشبهات)، و (لأن أخطئ في العفو خير من أن أخطئ في العقوبة)، و (لعلك ... لعلك ... )؛ لكن هذه الأمور إنْ لم تؤخذ بضوابطها صارت وسيلةً لضعف الأحكام وكثرة الجرائم.
وقد سبق الحديث عن هذه المسألة من الناحية الفقهية؛ أما من الناحية النظامية فقد أشارت بعض النصوص في نظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية إلى هذه المسألة دون تصريحٍ بحكمها.
فمن ذلك؛ ما ورد في المادة الخامسة والخمسون بعد المائةمن نظام الإجراءات الجزائية: جلسات المحاكِم علنية، ويجوز للمحكمة – استثناءً – أن تنظُر الدعوى كُلِها أو بعضِها بجلسات سرية، أو تمنع فئات مُعينة من الحضور، مُراعاة للأمن أو مُحافظة على الآداب العامة أو إذا كان ذلك ضرورياً لظهور الحقيقة.
¥