بورك فيك اخي لكني اناقش إخواني المالكية الفضلاء
ـ[الشريف عبد المنعم]ــــــــ[05 - 11 - 09, 10:02 م]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم كل خير
ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[05 - 11 - 09, 11:21 م]ـ
لا استقراء هنا بارك الله فيكم، فقد صرّح واضع الأصل بدليله الوحيد، ولتعلم أن الزقاق فمن بعده كلهم فروعيون ليس لهم أن يعارضوا مشهور أقوال المذهب إلا بالعرف، فهو قرينة ترجيح؛ أما عمل أهل المدينة فهو مكان مخصوص في زمان مخصوص، وما ثبت على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس.
لم تجب يا إبراهيم، أاستقراء هذا الذي قررته أن الزقاق رحمه الله أول من نظر للعمل؟ فما أعلمه أنه لم يزد على أنه حاول التأصيل له لا التنظير كما قلت.
وقد اتفقت معك في أن حمل العمل على عمل أهل المدينة بعيد، لكنك أشرت بالأحمر على أنه قرينة ترجيح، فأنهيت الأمر في أصله، ولا أدري كيف تقرر النتائج دون مقدمات تبني عليه، فإن كانت فهي في قرارة نفسك أسررتها ولم تبدها لنا، واسمح لي أن أخالفك إلى أن بين العرف والعمل عموم وخصوص، فوطن كلامك يرحمك الله، وكونك تقرر أن العرف هو العمل فهذا منك لا يستقيم، فالعمل يكون إما لمصلحة تستجلب أو لمفسدة تدرأ أو عرف يراعى، وهذا إذا أردت زيادة تدقيق إما أن يندرج تحت العمل بالاستحسان وإما تحت العمل بسد الذرائع، وقد تتبعت أخي الكريم مواطن الفتوى بالعمل في فتاوى ابن سراج وابن رشد الجد وابن لب، وجامع البرزلي ومعيار الونشريسي ونوازل الوزاني والعلمي فلم أجدها تخرج عن إحدى الصور الثلاثة التي ذكرت لك، وإن كانت أمس رحما بالاستحسان، صحيح أنه من العلماء من لا يفرق بين عرف وعمل فالعرف عنده عمل والعمل عنده عرف بل إن البعض بلغ به مبلغ التقديس فقدمه على قطعيات النصوص. لكن من جهة أخرى أن العلماء المعتبرين حصروا الأخذ بالعمل في باب القضاء وأحلوه المنزلة التي تليق به، فلا تكن أيها الفاضل كمن حام وما ورد, ذلك أن حصفاء العلماء كان غالب أخذهم به فيما كان معقول المعنى، وغيرهم جعله سهما يرمي به في كل وجهة فلا فرق عنده بين عبادات ومعاملات، ومن هنا أتي الفقه، ودخلت فيه البدع التي ذكرتها.
وقد كان علماء المالكية في الغرب الإسلامي أولى بغير هذا منك، فالأولى أن يكون لهم الحمد في أنهم استطاعوا أن يخلقوا آلية اجتهادية لها مرجعها في نجور معتبرة يواجهوا بها الواقع والنوازل المستجدة، في أزمنة عز فيها الاجتهاد وكسل فيه النظر الفقهي،وأنت تدري أنه ليس الأمر دائما نص أو إجماع أو قياس، وقد سبقت إليك بأنه إن كان لك ولغيرك أن يشنع فلتشنع على من أخلد إلى الأرض وأنكر أن الاجتهاد فرض، أو على من جعل من العمل مادة نظره في أحوال العباد من الذين راعوا كل ما خالف الشرع خضوعا للواقع، وعلى أي فالأمر كله طرفان ووسط.
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[06 - 11 - 09, 12:39 ص]ـ
شيخنا يوسف الا ترى أن كلام الشاطبي هذا فيه دليل على حجية العمل المتفق عليه عند العلماء
وقد بيَّن الشاطبي رحمه الله أنَّ الإمام مالكاً رحمه الله، قد راعى قاعدة: (النظر إلى المآل)، عندما شاوره أبو جعفر المنصور أن يهدم ما بنى الحجاج من الكعبة ويردَّها على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم عملاً بهذا الحديث، كما كان قد صنع عبد الله بن الزبير في خلافته، فقد قال له: " أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن لا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك بعدك لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيَّرَه؛ فتذهب هيبته من قلوب النَّاس "، فصرفه عن رأيه فيه خشية أن يؤول بناء الكعبة إلى التغيير المتتابع باجتهاد أو غيره، فملك يبني ليكون بناؤها على القواعد من أعماله ومآثره وآخر يهدم ليجعل إعادتها من أعماله ومآثره مثلا؛ فلا يثبت بناء الكعبة على حال
قلت وأغلب العمل الذي يعتمده المالكيون انما اعتبر لاجل مصلحة او سد ذريعة أو عرف
واليكم هذا النقل لعله يفيدك شيخنا يوسف
8. فقه الماجريات (أو ما جرى به العمل):
وقد تميزت المدرسة المغاربية بهذا الفن الذي ظهر في القرن الرابع، وعرفه الجيدي بأنّه "العدول عن القول الراجح والمشهور في بعض المسائل إلى القول الضعيف فيها رعيا لمصلحة الأمة وما تقتضيه حالتها الاجتماعية" ([71]).
فكثيرة هي المسائل التي يقع فيها الخلاف بين الفقهاء فيعمد القضاة إلى الحكم بالمرجوح أو الضعيف بسبب درء مفسدة أو جلب مصلحة، أو خوف فتنة أو جريانا لعرف من الأعراف فيعتمد هذا الحكم عند من جاء بعدهم لقيام السبب نفسه الذي لأجله حكم بالمرجوح أو الضعيف "لأنّه إذا كان العمل بالضعيف لدرء مفسدة فهو على أصل مالك في سد الذرائع، وإن كان لجلب مصلحة فهو على أصله في اعتبار المصلحة المرسلة" ([72]).
ومنشأ العمل بما جرى به العمل يبدأ من الوقت الذي بدأ فيه العلماء يستندون لاختيارات شيوخ المذهب وترجيحهم لبعض الأقوال التي عدلوا فيها عن الراجح والمشهور، فعلموا بهذه الاختيارات جريا لمصلحة أو دفعا لمضرة، ولعلّ سندهم في ذلك هو قول عمر بن عبد العزيز ‹تحدث للنّاس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور› ([73]) فيكون بهذا قد فتح للحكام والقضاة مجالا واسعا للتعامل مع المستجدات ومعالجتها وفقا لما تقتضيه مصلحة العصر وضرورة الزمان، والعمل بهذا النوع من التشريعات رغم المآخذ التي سجلت عليه والمعارضة التي لقيها الفقهاء المسترسلون فيه إلاّ أنّه دليل قوي على ما تميز به الفقهاء من قدرات في مجابهة المستجدات والمشكلات الواقعة والمتوقعة "فأعطوا بذلك الحلول للنوازل والقضايا التي لم يرد فيها نص صريح أو ضمني، وأثبتوا بذلك أنّهم قادرون على ملاحقة التطور البشري والتغير الزماني كما دلّلوا على أنّ الفقه المالكي قابل دائما للتطور لمرونته وقوة قابليته للاستمرار والبقاء" ([74])، وقد امتلأت كتب هذه المدرسة بهذا النوع من التشريعات، ككتاب فصول الأحكام لأبي الوليد الباجي الذي نصّ في كل مسألة من مسائله على أنّ العمل جرى بها، وكثرت أيضا مؤلفات ابن عتاب وابن سهل وغيرها من كتب الأحكام كتحفة ابن عاصم الذي أكثر فيها من ذكر العمل ([75]).
¥