تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا خالط الماء مخالط يشبهه في الصفة فهل يقدر موافقا أو مخالفا؟ سند: لا نص في المسألة، فإن عدم غيره جمع بين الوضوء والتيمم، فإن وجد ماء دون كفايته فخلطه بماء زرجون فهل يتوضأ به لبقاء الصفة على حالها، أم لا؟ لأنه توضأ بغير الماء قطعا، والظاهر أنه لا يتوضأ به، بعض الشافعية: يتوضأ إن كان الماء يكفيه ابتداء.

فإن فرض مخالفا فينظر فيه: فإن كان نجسا أخذ حكم النجس وإن كان طاهرا أخذ حكم الطاهر.

ويتصور مخالطة الماء لما يشبهه في الصفة في صورتين:

الأولى: مخالط موافق لصفة المطلق، كماء الرياحين.

الثانية: أن يكون متغيرا بما لا ينفك عنه فيخالطه مائع موافق لصفته.

ووجه النظر: هل الصفة صفة الماء فتجوز الطهارة به؟ أم أنها صفة للماء والمخالط؟ أو للمخالط للماء؟ وهذا شك يوجب ترك الماء لأجله.

ع: والأصل التمسك بطهارة الماء لأنها الأصل والشك طارئ، حتى يغلب على الظن أن الصفة هي صفة المخالط لكثرته، ولا تقدر الأوصاف الموافقة مخالفة لتعسر الانضباط مع التقدير. اهـ باختصار.

خ: ويمكن التقدير بالوسط كما عند الشافعية.

فرع: إذا شك في المغير هل يضر؟ استصحب الأصل وهو طهارة الماء.

والمستعمل في الأحداث هو ما تقاطر من الأعضاء والتصق بها والمشهور أنه طهور مع الكراهة في حال وجد غيره مراعاة للخلاف، وتقييد المستعمل في الأحداث يخرج الأوضية المستحبة والأغسال، وظاهر المدونة دخول المستعمل مطلقا في الكراهة.

واختلف في تعليل ذلك، فقيل:

لأنه استعمل في عبادة.

وقيل: لكونه أزال المانع.

وقيل: لتعلق الأوساخ به.

وقيل: لأنه ذهبت قواه.

وقيل: لأنه ماء الذنوب.

وقيل: لم ينقل عن السلف التطهر به مع شدة الحاجة إليه.

سند: المذهب الكراهة فيما استعمل في حدث دون غيره، لقوله الجنب يغتسل في القصرية: لا خير فيه، وفي الطاهر: لا بأس به.

واختلف في تأويل ذلك: فقيل: لكونه دخل القصرية بما فيه من أذى، وقيل: إنما كرهه ابتداء لما في ذلك من النهي عن أن يغتسل الجنب في الماء الدائم، ولو سأل عنه بعد التطهر به لأجازه، وقيل: لأنه ماء استعمل في طهارة فأشبه ما توضئ به مرة.

والخلاف فيمن سلمت أعضاؤه من النجاسة أو غيرها، فمن كان نجس الأعضاء أو فيها أوساخ فالماء على القسمة المتقدمة.

وفسر ابن القاسم قول مالك: لا خير فيه، مع وجود غيره، وإلا تطهر به، وعلى ذلك المختصرون.

ومال ابن رشد إلى أنه خلاف، ورجح لأن نفي الخيرية بإطلاق يفيد التحريم.

فإن كثر الماء كحياض الدواب فلا بأس به.

وقيل في المستعمل: هو غير طهور، وقيل: يتوضأ به ويتيمم، لأنه مشكوك في حكمه. واختلف هل هذا القول: تفسير، أو قول ثالث؟

فرع: التراب الذي مسح به المتيمم، يجوز المسح به بعد ذلك.

واختلف في تحديد القليل على أقوال: فقال مالك: آنية الوضوء والغسل، وقيل: الحب والجرة، وقيل: القلتان على الحديث، وقيل: بل حده العرف، وقال ر: ليس فيه حد مقدر.

ابن القاسم: القليل مثل الجرة، يفسد بما فوق القطرة من البول، بخلاف الجب والماجل فلا يفسده إلا التغير.

وحاصل ما ذكر في الماء القليل إذا خالطته نجاسة ولم يتغير ثلاثة أقوال:

القول الأول: الكراهة مع وجود غيره، وهو المشهور لقوله عليه الصلاة والسلام: الماء طهور لا ينجسه شيء، صححه أحمد وحسنه الترمذي.

أما حديث القلتين فلا تعارض معه لأنه مفهوم والمنطوق مقدم، على أنه اختلف في الحديث تصحيحا وتضعيفا.

وقد وقع في المذهب قول بعدم الكراهة، فقيل هو لأبي مصعب، وقيل لمالك، ومن زاد فهو المقدم.

القول الثاني: أنه نجس وهو قول ابن القاسم واختيار صاحب الرسالة.

قال ابن القاسم يتيمم ويترك الماء، فإن صلى به أعاد مادام في الوقت، فاختلف الأشياخ في تفسير قوله: فقال ر: إنما قال يعيد في الوقت فيما إذا ما استعمل سؤر ما يغلب عليه النجاسة، ولا يلزم تساوي الغالب بالمحقق.

وقيل: الماء عنده نجس والإعادة مراعاة للخلاف، وقيل: مكروه للإعادة، وقيل: قوله متناقض.

ولم يفرق ابن القاسم بين المتعمد والجاهل والناسي، وقيد ابن حبيب الإعادة في الوقت للناسي وحده، وقيد المختصران للمدونة ذلك بعدم العلم أخذا من قول مالك في أول الصلاة فيمن توضأ بماء يظنه طاهرا: يعيد في الوقت.

القول الثالث: مشكوك فيه، واختلف أصحاب هذا المذهب على قولين:

الأول: يتوضأ بالماء حتى ينفذ لأنه طاهر عندهم، ثم يتيمم لصلاة واحدة.

الثاني: يتيمم ويصلي ثم يتطهر بالماء ويصلي، ليكون على يقين بأنه صلى بلا نجاسة.

فإن أحدث من فعل ذلك جمع بين الماء والتيمم على القولين، لأن المحذور قد حصل، وهو تجنب استعمال النجاسة.

وقال اللخمي: بل لولم يحدث لتيمم وتوضأ، لوجوب التيمم لكل صلاة.

ولم يسلم ابن رشد أن يكون مثل هذا الشك مذهبا، لأن المشكوك فيه إنما هو الشك في التغير بنجاسة حلت، أو من يقول بأن مجرد الملاقاة منجس.

ر: فيه نظر، فإن الشك يحصل بتعارض الأدلة عند المجتهد فيرى الاحتياط.

أحوال المياه الجارية:

الحال في الماء الجاري له صورتان:

الأولى: إما أن يجري مع الماء ويبقى شيء في محل الوقوع، فهنا ينظر في كثرة الماء وقلته بين محل الوقوع ومحل الاستعمال، وقسمة الماء على ما تقدم.

الثانية: أن ينماع الحال في الماء، فينظر في مجموع الماء بين محل الاستعمال ومحل تأثير المغير، فإن كان مجموع الجرية كثيرا، ومن محل الوقوع إلى الاستعمال يسيرا جاز استعماله، لذهاب الحال في الجرية.

بعد أن أنهى المصنف الكلام عن المياه الطاهرة، والمياه الطاهرة مع الكراهة، انتقل إلى المياه التي لا تصلح للطهارة وهي قسمان:

الأول ما خالطته نجاسة فغيرت لونه أو طعمه أو ريحه، وحكمها النجاسة، ولم يعتبر ابن الماجشون التغير بالريح، فاختلف في تعليل كلامه فقيل: لعدم نقل تغير الريح في الروايات، وقيل: لعله قصد التغير بالمجاورة، ورد بأنه صريح من كلامه في غير المجاورة.

والثاني ما خالطه طاهر، فغير لونه أو طعمه أو ريحه، ومن ثم اختلفوا في الماء بعد جعله في الفم، فقيل طهور، وقيل: غير طهور، والخلاف إنما هو خلاف في حال: بمعنى هل انفك الماء من غير صفة الريق أم لا؟

خ: وانظر إذا خالط الماء مشكوك فيه.

وبالله التوفيق، والله تعالى أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير