وقد وثقه أكثر الحفاظ وانتقدوا عليه أحاديث يرويها عن قتادة وتفردات يخالف فيها غيره والله أعلم.
وقوله (والوصل زيادة واجب قبولها من الثقة).
وهذا قول الخطيب وتبعه على ذلك كثير من الفقهاء والأصوليين وجماعة من المتأخرين.
وفيه نظر كثير.
فأئمة هذا الشأن العارفون بعلل الأحاديث المتخصصون بذلك أمثال ابن مهدي والقطان وأحمد والبخاري ومسلم وأبي داود والنسائي والترمذي لا يقولون بذلك.
ولا يحكمون على هذه المسألة بحكم مستقل. بل يعتبرون القرائن ويحكمون على كل حديث بما يترجح عندهم.
وتأمل في صنيعهم والمنقول عنهم ترى وضوح هذا المنهج.
قال الحافظ ابن حجر في النكت (2/ 687) والذي يجري على قواعد المحدثين أنهم لا يحكمون عليه بحكم مستقل من القبول والرد بل يرجحون بالقرائن كما قدّمناه في مسألة تعارض الوصل والإرسال .. ).
ونحو هذا قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرح علل الترمذي (2/ 630 - 643).
وقال الحافظ العلائي في نظم الفرائد ص (376) وأما أئمة الحديث فالمتقدمون منهم كيحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ومن بعدهما كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وهذه الطبقة وكذلك من بعدهم كالبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة الرازي ومسلم والنسائي والترمذي وأمثالهم ثم الدارقطني والخليلي كل هؤلاء يقتضي تصرفهم من الزيادة قبولاً ورداً الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند الواحد منهم في كل حديث ولا يحكمون في المسألة بحكم كلي يعم جميع الأحاديث وهذا هو الحق الصواب ... ).
وكلام الأئمة في مثل هذا كثير، وحاصل كلامهم أن وصل الثقة وزيادته تقبل في موضع وترد في موضع آخر على حسب القرائن المحتفة بذلك.
فإذا تفرد الثقة بوصل حديث أو زيادة لفظة فيه وخالف غيره فيحكم للثقة الضابط، وإذا اختلف ثقاة حفاظ متقاربون في ذلك قدم الأكثر.
فإذا كان لأحدهم اختصاص بمرويات شيخه قدم على غيره.
ومن القرائن المرجحة اتفاق الحفاظ الناقدين على تصحيح وصل أو ترجيح إرسال.
مثال ذلك روى أحمد في مسنده (2/ 8 - ) وأبو داود (3179) والترمذي (1007) والنسائي (4/ 56) وغيرهم من طرق عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر يمشون أمام الجنازة)) ورفعه خطأ والصواب أنه مرسل قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (حديث ابن عمر هكذا رواه ابن جريج وزياد بن سعد وغير واحد عن الزهري عن سالم عن أبيه نحو حديث ابن عيينة.
وروى معمر ويونس بن يزيد ومالك وغيرهم من الحفاظ عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمام الجنازة.
وأهل الحديث كلهم يَرَوْن أن الحديث المرسل في ذلك أصح.
وسمعت يحيى بن موسى يقول: سمعت عبد الرزاق يقول: قال ابن المبارك: حديث الزهري في هذا مرسل، أصح من حديث ابن عيينة .. ).
وقال الإمام النسائي والصواب مرسل.
فأنت ترى اتفاق المحدثين على تصحيح إرساله وقد خالف في ذلك بعض أهل العلم فصحح رفعه وهذا غلط.
ولا أرى لتصحيحه وجهاً معتبراً فأوثق الناس في الزهري ماعدا ابن عيينة يروونه مرسلاًَ واتفاق أكابر الحفاظ على تصحيح إرساله قرينة مرجحة لذلك والله أعلم.
كتبه
سليمان بن ناصر العلوان
6/ 3 / 1421 هـ
من تعلم لغة قوم أمن مكرهم
فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله
سمعتٌ في الإذاعة حديث ((من تعلم لغة قوم أمن مكرهم] فبحثت عنه فلم أجده!! أين مصدره؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أعلم هذا حديثاً ولا أظن له أصلاً وقد كره أهل العلم تعلم رطانة الأعاجم والمخاطبة بها بدون حاجة وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال (لا تعلموا رطانة الأعاجم)) رواه عبد الرزاق في المصنف (1609) والبيهقي في السنن (9/ 234].
وقد بُلي المسلمون في هذا العصر بالرطانة الأعجمية وأصبح تعلمُ بعض اللغات الأجنبية ضرورة ملحة في كثير من المهن والأعمال وهذا جائز لأهل الحاجات والمصالح ولا سيما مصالح المسلمين العامة.
¥