[شرح متن الايساغوجي في المنطق (بعض المباحث المنطقية) مع تعليقات ابن تيمية]
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[27 - 03 - 04, 09:23 م]ـ
هذه بعض التعليقات على متن الايساغوجي في المنطق وهو من المتون المختصرة جدا في هذا الباب وقد عزمت على ان يكون شرحا مختصرا وأن يكون الشرح سهلا ميسورا وقد , وقد تكلمت على المشكل من مسائل الايساغوجي دون الواضحات.
المقدمة:
الفصل الاول: (سبب الخوض في علم المنطق).
وسببه أمرين:
1 - ان الكثير من كتب الاصول قد علقت فيها علائق المنطق وتعمقت فيها جذوره حتى صارت مقدمات الكثير من كتب الاصول بل والمختصرات عبارة عن مقدمات منطقيه.
وصار طالب الاصول محتاجا الى فهم المنطق لفهم بعض المباحث بل عد بعض أهل الاصول القياس المنطقي من طرق الاستدلال على الاحكام ومثل له وبنى عليه الكثير من الفروع ومنهم الامدي في كتبه الاصوليه و أكثر المتكلمه الذي تكلموا في الاصول.
2 - انتشار بعض المسائل المنطقية حتى بين العامة وسوف أضرب بعض الامثلة من كلام الناس والتى يستخدمها حتى العامة دون المتعلمة:
المثال الاول: قول الناس الذي يهم (الكيف) وليس (الكم) ويقصدون بذلك ان المهم هو النوع وليس العدد فالقلة مع الجودة و الكفايه افضل من الكثرة البطالة.
وأصل هذا القول من كلام المناطقة حيث انهم يقسمون القضايا الى قسمين من جهة الكيف سلبا وايجابا ومن جهة الكم ويسمى (سور) القضية) الى كلي وجزئي ويتبع الكلي من جهة القوة الشخصي ويتبع الجزئي المهملة من حيث القوة.
المثال الثاني: قول كثير من العلماء عن بعض الفنون او العلوم و (موضوع هذا العلم) مثلا: موضوع علم النحو الجملة و اعرابها.
وموضوع علم الاصول الاحكام الكلية وطرق استنباطها ... الخ.
وأصل هذا الكلام من كلام المناطقة لان القضية عندهم (الحمليه) تنقسم الى موضوع ومحمول فهذا الموضوع عندهم.
المثال الثالث: ان الواحد اذا تكلم بكلام واراد بيان انه ضرورى وبدهي قال (وهذا أمر منطقي) أو وهذا سؤال منطقي , وهذا خطأ من جهتين:
1 - أنه خطأ على المنطق لان الاحكام المنطقية اكثرها نظري كسبي ومقصود العامة مخالف , فان قلت هم يقصدون انه قطعى قلنا هذا أعظم فإن المنطق ليس كما يزعم أهله مؤدى الى الوصول الى القطعيات وهذا سيتبين اثناء الشرح.
وأشير هنا الى اننا سنحلى الشرح بتعقبات شيخ الاسلام في باب التصورات والتصديقات ثم نبين وجه هذا النقد ان شاء الله.
الفصل الثاني: (المنطق كعملية فكريه).
المنطق كعلم عقلي ومعادلة فكرية له الكثير من الاثار السلبيه على معتنقي مبادئه ومنها على سبيل التمثيل لا الحصر:
الجمود في عملية التفكير: حيث يقوم المنطق بصوغ العملية الفكرية على شكل قوالب مسبقة الصنع غير قابلة للتبديل فيتم صياغة القضايا والتصورات والحكم على الظواهر من خلالها وهذا يقتل عملية التفكير ويؤثر فيها لانه يكبح جماح الخيال والنظر العميق وهو جزء مهم من منظومة الانتاج العقلية.
وهذا يظهر اثره في الفقه والعلوم الشرعيه حيث يتم صوغ الاحكام الشرعيه داخل قضايا رياضية تنتج احكاما مسبقة دون النظر الى القرائن الخارجيه.
ومن اسباب هذا التأثير هو عملية النقل الفنيه لعلم المنطق من اليونان منتجي هذا العلم ومكونيه الى اللغة العربيه ومن المعلوم للمشتغلين بالمنطق أن هناك ارتباط كبير بين اللغة التى تحكى المعاني والمنطق ولهذا فقد افحم ابو سعيد السيرافي النحوي , أفحم متى النصراني المنطقي بتركيزه على هذا الباب كما في المناظرة المشهورة التى أوردها ابو حيان في الامتاع والمؤانسة. وان كنا نخالف في الكثير مما اعترض به ابو سعيد على المناطقه.
ومن الامثله على هذا مسائل الربط بين الموضوع و المحمول لانها في العربيه تأتي داخل الكلمتين فلا يلزم وجود رابط ظاهر خلاف اليونانيه.
ومنها في الالفاظ المتواطئة حيث اضطر المناطقة الى احداث قسم بين المتواطئ والمشترك أسموه المشكك؟؟ ويأتي الكلام عليه بالتفصيل ان شاءالله تعالى.
ومنها في التصورات حيث ادي التقعير في صوغ الحدود من الذاتيات الى جعل الواضحات مبهمات خلاف المقصود من الحدود ويأتي تفصيله ان شاء الله.
الفصل الثالث: (حكم تعلمه).
ذكر الاخضري في أول سلمه حكم تعلمه وذكر من ذهب الى تحريمه كالنووى وابن الصلاح والذي قال عن اخذ بعض المدارس من الامدي (أخذها منه أعظم من اخذ عكا) , ثم ذكر قول المبيحين ثم ثلث بقول اختاره وهو انه يجوز لكامل القريحه وهذا ذليل على ظهور التأثير السلي لدى ممارسي هذا العلم.
ولما شرق الكثير من اتباع المدارس المنطقية بفتاوى العلماء المحرمه وهم من الاجلة قالوا ان مقصودهم هو المنطق المخلوط بالعقائد الباطلة وهذا جهل مركب من جهلين:
الاول بالمنطق نفسه , والثاني بالفتوى.
فأما الاول فإن لمنطق عملية ذهنيه ليس لها ارتباط بالفكر الاعتقادي الا عند التطبيق فهي (قالب فكري) بالامكان وضع المركب فيه وعليه ففتوى العماء المحرمين ليست عن المنطق المخلوط بل عن المنطق نفسه.
والثاني أن فتاوى ابن الصلاح وغيره صريحه واضحة فاضحه في تحريم المنطق نفسه دون غيره وهي صريحه لكن من أبتلى بجعل الحقائق (مجازات) وحرف الايات والاحاديث الواضحات تصبح سجيته منطبقة ومنغلقة على تأويل الحقائق الواضحه حتى يصبح اقرب ما يكون الى صبيان الكتاب بل دون ذلك في الفهم.
والصواب في حكمه ان تعلم المنطق مبنى على أمرين:
الاول: جواز بل واستحباب تعلم المباحث النافعه (لانه يحوى بعض المباحث المفيدة).
الثاني: أنه كأكل الميتة للمضطر وخاصة طلاب العلم. المهتمين بعلم الاصول.
ومن شدة الهجوم من علماء الشريعه على المنطق في ذلك الوقت اضطر الكثير من منتحليه كالغزالي الى تغيير مسماه والكثير من اصطلاحاته فسموه مرة (معيار العلم) ومرة (ميزان العلم) هربا من التسمي بالمنطق.
وهذا أوان الشروع في المتن وشرحه نسأل الله الاعانة والتيسير:
¥