تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تعريف الحديث الحسن بين المتقدمين و المتأخرين ..]

ـ[الفقير الى ربه]ــــــــ[14 - 04 - 04, 07:09 م]ـ

أنقل هذا الكلام من بحث قام به أحد الاخوة حول تحرير معنى مصطلح الحسن .. و هو مجاز فى الكتب الستة من الشيخ محمد بن عمرو عبد اللطيف حفظه الله ..

قال:

اختلف العلماء فى تحرير معنى مصطلح الحسن اختلافا شديدا يفضى الى الاضطراب, كما قال الذهبى فى الموقظة (و فى تحرير معناه اضطراب) ..

فقال الخطابى: (هو ما عرف مخرجه و اشتهر رجاله و عليه مدار أكثر الحديث, و هو الذى يقبله أكثر العلماء و يستعمله أكثر الفقهاء)

قال الذهبى: (و هذه العبارة ليست على صناعة الحدود و التعريفات اذ الصحيح يطلق عليه ذلك و لكن مراده ما لم يبلغ درجة الصحيح.)

و ذكر الحافظ فى النزهة ص 42:

(فان خف الضبط فهو الحسن لذاته و هو مشارك للصحيح فى الاحتجاج به و ان كان دونه و بكثرة طرقه يصحح)

و هذا القول حكاه ابن الصلاح فى مقدمته ص 45,46 عن بعض المتأخرين أن الحديث الذى فيه ضعف قريب محتمل هو الحديث الحسن و يصلح للعمل به.

ورد عليه ابن دقيق العيد قوله (فيه ضعف قريب محتمل) أنه ليس مضبوط بضابط يتميز به القدر المحتمل عن غيره .. (الاقتراح ص167)

و قال السخاوى فى التوضيح الأبهر (1/ 33):

(هو ما اتصل سنده بالعدل القاصر فى الضبط أو بالمضعف بما عدا الكذاب من غير شذوذ ولا علة) ..

و قيل ما فى اسناده ضعف هين كسوء حفظ بعض رواته أو ارسال, فاذا انضم اليه اسناد مثله أو أعلى منه صار الحديث حسنا بالمجموع.

و على هذا القول يتنزل كلام الترمذى فى الجامع, فقد قال:

(و ما ذكرنا فى هذا الكتاب حديث حسن فانما أردنا به حسن اسناده عندنا كل حديث يروى لا يكون فى اسناده من يتهم بالكذب و لا يكون الحديث شاذا و يروى من غير وجه نحو ذلك فهو عندنا حديث حسن)

قال الذهبى فى الموقظة ص 28,29:

(ثم لا تطمع أن للحسن قاعدة تندرج تحتها كل الأحاديث الحسان, فأنا على اياس من ذلك, و كم من حديث تردد فيه الحفاظ هل هو حسن أو ضعيف أو صحيح, بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده فى الحديث. فيوما يصفه بالصحة, و يوما يصفه بالحسن و لربما استضعفه و هذا حق, فان الحديث الحسن يستضعفه الحافظ على أن يرفعه الى رتبة الصحيح, فبهذا الاعتبار فيه ضعف ما, اذ الحسن لا ينفك عن ضعف, و لو انفك عن ذلك لصح بالاتفاق)

فتخصيص اسم الحسن بالرواية المتفرد بها من هو موصوف بخفة الضبط اصطلاح حادث درج عليه جماعة من المتأخرين حتى صار هو السائد بينهم, أما المتقدمون (بالاستقراء و التتبع لكلامهم) فيدرجون فى هذا اسم الصحيح لأن الحديث عندهم اما صحيح أو ضعيف و اذا تبين لهم خطأ هذا الراوى فى روايته بمخافته أو تفرده بما لا يحتمل فانهم يحكمون على روايته بالشذوذ أو النكارة ..

و حاولنا تتبع مصطلح الحسن عند المتقدمين رجاء تحرير معناه عندهم مستأنسا فى ذلك بجهود من سبقنا فى ذلك من أهل الشأن, فظهر لى أنهم يطلقون هذا المصطلح على أحاديث مختلفة المراتب, فقد أطلقوه على الحديث الصحيح و الحسن عند المتأخرين, و الضعيف و الغريب و المنكر بل و الموضوع.

فمثال اطلاقه على الحديث الصحيح:- (فى النكت علىابن الصلاح):

((فأما ما وجد فى ذلك فى عبارة الشافعى و من قبله بل و فى عبارة أحمد بن حنبل فلم يتبين لى منهم ارادة المعنى الاصطلاحى, بل ظاهر عباراتهم خلاف ذلك, فان حكم الشافعى على حديث ابن عمر فى استقبال بيت المقدس فى الحاجة, و هو فى الصحيحين, قال (حسن) .. و هو متفق على صحته ..

و حديث السهو فى الصلاة من طريق منصور عن ابراهيم عن علقمة عن ابن مسعود .. فال (حسن).

, أما أحمد فروى الخلال أنه سئل عن أحاديث نقض الوضوء بمس الذكر فقال: (أصح ما فيها حديث أم حبيبة)

و سئل عن حديث بسرى فقال (صحيح)

و قال الخلال: حدثنا أحمد أصرم انه سأل أحمد عن حديث أم حبيبة فى مس الذكر فقال (هو حديث حسن)

فظاهر هذا أنه لا يقصد المعنى الاصطلاحى, لأن الحسن لا يكون أصح من الصحيح)) أه.

و مثال اطلاقه على الغرائب و المناكير ما رواه الخطيب فى الجامع لأخلاق الراوى ص 101 عن ابراهيم النخعى أنه قال:- (كانوا يكرهون اذا اجتمعوا أن يخرج الرجل أحسن حديثه أو أحسن ما عنده)

قال الخطيب: (عنى ابراهيم بالأحسن (الغريب) ,لأن الغريب غير المألوف يستحسن أكثر من المشهور المعروف, و أصحاب الحديث يعبرون عن المناكير أيضا بذلك) أه.

ثم روى باسناده عن أمية بن خالد قال: قيل لشعبة: مالك لا تروى عن عبد الملك بن سليمان العزرمى؟ و هو حسن الحديث .. قال: (من حسنها فررت) ..

مثال اطلاقه على الموضوعات و العجائب:

روى ابن عبد البر فى جامع بيان العلم و قضله ص94,95:

حديث معاذ مرفوعا: ..

ثم قال: (هذا حديث حسن جدا و لكن ليس له اسناد قوى .. )

قال العراقى فى التقييد و الايضاح ص60:

(أراد بالحسن حسن اللفظ قطعا .. فانه من رواية موسى بن محمد البلقاوى عن عبد الرحيم بن زيد العمى, و البلقاوى هذا (كذاب) و الظاهر أن هذا الحديث مما صنفت يداه .. و عبد الرحيم (متروك).

و مما سبق يمكن استنتاج الفائدة الآتية:

حيث ثبت أن الحسن يطلق عند المتقدمين على تلك المعانى كلها, لا ينبغى أن يستشكل صنيع الأئمة كالترمذى و غيره من جمعهم بين الحسن و غيره من الألفاظ الدالة على الصحة أو الضعف, كقولهم هذا حديث حسن صحيح غريب أو حسن ليس اسناده بالقائم أو نحو ذلك, الا أن الترمذى على وجه الخصوص له اصطلاح خاص بالحسن ..

هذا ما تيسر فى هذا الموضوع ... و أرجو من مشايخنا فى الملتقى أن يضيفوا تعليقاتهم و استدراكاتهم ان كان ثم استدراكات كى يعم النفع ان شاء الله ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير