ومما يؤكد عدم كفاية معرفته العلمية أنه يورد تقديرات فترات عمر الأرض في كتاب "آدم عليه السلام" للكاتب التونسي بشير التركي من غير أن يلفت نظره الخطأ فيها. فيقول التركي، كما يروي الدكتور شاهين (ص15):"إن أهم الموجات البشرية أربع". وأن الموجة الأولى يتراوح تاريخها "من أربعة مليارات إلى مليار من السنين، وهي فترة عاش خلالها بشر يسمى (بشر الجنوب) (الأسترالوبتيك) ".
وكما هو معروف فإن العلماء يقدرون أن الحياة بدأت على الأرض قبل خمسمائة مليون سنة، وأن الإنسان، حتى في أطواره الأولى، لم يوجد قبل ستة ملايين سنة.
ولو كان يعرف شيئا حقيقيا عن هذه العلوم للفتت نظره هذه التقديرات التي لم تخطر ببال أحد.
معرفته باللسانيات:
يعد الدكتور عبد الصبور شاهين أحد رواد الدراسات اللسانية في العالم العربي، وله بعض الكتب التي تتضمن أبحاثا لغوية، وقد ترجم بعض الكتب عن اللغة العربية من اللغات الأجنبية. وكان ينتظر منه ألا يقع في بعض الأمور التي لا تقرها اللسانيات.
ومن هذه الأمور وقوعه فيما يسمى بـ"الزيف الاشتقاقي"، كما أسلفت. كما أنه وقع فيما يسمى بـ"التحيز اللغوي"، وذلك حين يفضل اللغة العربية على غيرها. ويتضح ذلك من قوله: "والعجيب أن للعربية هنا تميزا وتفوقا على اللغات الأخرى، فقد حققت بهذا اللفظ (بشر) تطابقا عجيبا مع معناه، وكأنما كانت تستملي الغيب، وتستقرئ أستاره، ليمنحها هذه اللفظة، دون اللغات الأخرى في الفصيلة السامية، بل دون ما عهدناه من اللغات الأوروبية" (ص65).
ومع أنه يستنكر، ضمن استنكاره للقصة الإسرائيلية التقليدية للخلق (ص9)، أن يكون اسم "آدم" مأخوذا من "التراب"، إلا أنه يرى (ص129) أن هناك تناسبا، في اللغة العربية، بين الاسم "آدم" و"المادة التي ينتمي إليها وهي (أديم الأرض).
وهذان القولان مثالان لـ"لزيف الاشتقاقي" أيضا. ذلك أن المتخصصين يرون أن أحد المبادئ الرئيسة التي توجه اللسانيات منذ بداية القرن العشرين ذلك المبدأ الذي يسمى بـ"عشوائية العلامة"، ويعني أنه لا يمكن، في أغلب الحالات، أن نعرف السبب وراء تسمية شيء ما باسم معين. كما ترى اللسانيات أنه لا صحة للزعم بتفضيل لغة على لغة، من حيث كونها نظاما لغويا.
ومن الطرائف أنه يقول إن عدد اللغات في العالم ألفان، مع أن عدد اللغات يفوق ستة آلاف، وهو من الأمور المعروفة جدا. ومنها تسميته "الكمبيوتر" بـ"الكمتور" (ص128)، ويعلق في هامش الصفحة نفسها قائلا:"الكمتور: نحت عربي ـ للمؤلف ـ من كلمة كمبيوتر". مع أن هناك لفظا عربيا سائغا مستعملا منذ زمن ليس بالقصير يسمى به هذا الجهاز، وهو "الحاسوب".
وكذلك قوله إن اللغة نشأت عن تقليد أصوات الطبيعة؛ وهو قول قديم يلعب فيه التخيل بسهم وافر.
وهناك ملحوظات أخرى تتصل بعدم دقته في إيراد عدد المرات التي وردت فيها بعض الألفاظ في القرآن الكريم (ص113). فقد ذكر أن كلمة (البشر) وردت مفردة ثلاثين مرة، وذكرت مثناة مرة واحدة. مع أن هذه الكلمة وردت خمسا وثلاثين مرة. ويقول إن كلمة (الناس) وردت اثنتين وستين مرة، مع أن العدد الصحيح خمس وستون. ويقول إن كلمة "أناس" وردت سبع مرات، والعدد الصحيح خمس. وأن كلمة "الإنسان" وردت مائتين وثلاثين مرة، والعدد الصحيح مائتان وإحدى وأربعون (وقد اعتمدت في هذه الإحصائية على المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، نشر مجمع اللغة العربية).
بل لقد أخطأ في جمع الأرقام التي أوردها؛ فقد ذكر أن مجموع هذه الأرقام هو ثلثمائة (هكذا!) وإحدى وعشرين مرة". أما جمعها الصحيح، بحسب الأرقام التي أوردها، فهو ثلاثمائة وخمسون. والعدد الصحيح هو ثلاثمائة وأربع وستون.
الأخطاء في إيراد الآيات القرآنية:
وقعت بعض الأخطاء الطباعية في بعض الآيات الكريمة، وكان يجب بذل عناية أكبر لمنع وقوع مثل هذه التطبيعات. وهذه الآيات هي:
"أبشرا من واحدا نتبعه" (ص56). والصحيح هو: "أبشرا منا واحدا نتبعه"
"ثم سواه ونفخ في من روحه" (ص91). والصحيح هو: "ثم سواه ونفخ فيه من روحه"
"أولا يذكر الإنسان إنا خلقناه من قبل" (ص52). والصحيح هو: "أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل"
"وقال لأقتلنك" (ص126): "قال لأقتلنك"
الخلاصة:
¥