الدليل الأول: روى ابن ماجة عن ابن عباس قال: لما مرض رسول فذكر الحديث وفيه فخرج أبو بكر فصلى بالناس فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض فلما رأه الناس سبحوا بأبي بكر، فذهب ليتأخر فأوما إليه النبي صلى الله عليه وسلم أي مكانك، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عن يمينه وقام أبو بكر وكان أبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم والناس يأتمون بأبي بكر. قال ابن عباس وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من القراءة من حيث بلغ أبو بكر.
وجه الاستدلال " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل وأما الناس قد ترك جزا من الفاتحة أو تركها كلها فهذا يدل على نسخ حكم قراءة الفاتحة للمأموم.
الجواب الأول: قد وردت قصة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها مطولة ومختصرة ولكن لم يرد في أي طريق منها لفظ " وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة من حيث بلغ أبو بكر
الجواب الثاني أن هذه الرواية تخالف الرواية الصحيحة المتفق عليها ولفظها "فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين أحدمها العباس لصلاة لظهر "
الجواب الثالث: أن النبي دخل في الصلاة بنية أنه إمام وليس مأموما فإنه لا علاقة له بمسألة قراءة الفاتحة للمأموم.
الدليل الثاني
قال الله تعالى " وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون "
- وجه الاستدلال:أن الله تعالى أمر فيها بالإسماع للقران والإنصات إليه؛فالاستماع إما فرض أو واجب؛وإذا قرأ المأموم حالة قراءة الإمام فقراءته مستلزمة لترك الإسماع والإنصات فإما أن تكون مكروهة كرهة التحريم أو حرما لأن ترك الفرض حرام.
الجواب الأول: من ادعى نسخ قراءة المأموم بآية " وإذا قرئ القرآن " فعليه أن يثبت أول أن هذه الآية نزلت بعد فرض الصلوات الخمس وكان قد وقع التفريق بين سريها وجهريها، وكان المأمومون يقرءون في الجهرية جهرا والسرية سرا لأنه لابد أن يشتهر الأمر المنسوخ قبل النسخ وأن يكون الناسخ متأخرا فنتساءل أين تلك الأحاديث المروعة والآثار الصحيحة التي تدل على أن الآية نزلت بعد فرض الصلوات الخمس؟ وقد ثبت بعد البحث والتمحيص أن نزول الآية لم يكن بعد فرض الصلوات الخمس بل كان قبله، كما تدل عليه القرائن والشواهد، فكيف يمكن أن يقال: إن الآية ناسخة قراءة المأموم السرية وهل تنسخ الآية المتقدمة النزول حكم فرض متأخر، لا يقول به عاقل.
لأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة للمأموم كان بالمدينة، والدليل على ذلك: أن أبا هريرة رضي الله عنه كان شاهدا القصة وهو أسلم عام خيبر، وكذلك عبادة بن الصامت وهو من الأنصار، والآية مكية، أخرج أبو الشيخ ابن حيان عن قتادة قال: الأعراف مكية إلا آية "واسئلهم عن القرية " إلى "وإذا أخذ ربك من بني أدم " مدني.
الجواب الثاني: أن هذه الآية معارضة مع قوله تعالى: فاقرءوا ماتيسر من القرآن " وهذه الآية مدنية.
الجواب الثالث: ورد في كتب الفقه أنه يجب على الناس أن ينصتوا إذا خطب الإمام للجمعة،واستدلوا بقوله تعالى " وإذا قرئ القرآن " وبحديث "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت "
وقالوا أيضا: إن الخطيب إن قرأ قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " فعلى السامعين أن يصلوا ويسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم. فإذا تقرر هذا قلنا إن المأموم مأمور بأمرين1 - الإنصات والاستماع لمقتضى قوله تعالى" وإذا قرئ القرآن " 2 - قراءته للفاتحة خلف الإمام لمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم " لاصلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن " وقوله "لا تفعلوا إلا بأم القرآن "
فإن قرأ المأموم الفاتحة جهرا كان عمله هذا مخلا بالاستماع لقراءة الإمام ولا يكون ممتثلا للأمرين، وإن قرأ سرا في نفسه قلا يحصل الخلل في استماع قراءة الإمام ويحصل له العمل بالأمرين كما ينبغي.
الجواب الرابع: أنه يجوز عند بعضهم أن يقرأ المأموم دعاء الاستفتاح والإمام يقرأ وكذلك الترحم وسؤال الله الجنة وغير ذالك.
¥