تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

? المدرسة الثالثة من المدارس التي اعتنت بالسيرة مدرسة العلماء والفقهاء: وهؤلاء -من المحدثين والفقهاء- اعتنوا كثيرا أيضا بالسيرة فكتبوا السيرة مهتمين بما فيها من أحكام، وما فيها من بيان للعقيدة وبيان للأحكام الفقهية، وهذا ظاهر لك فيما اعتنى به أئمة الحديث كالبخاري وغيره، والأئمة من بعده؛ أئمة المحدثين كالحافظ البيهقي في دلائل النبوة، وكذلك من المتأخرين شيخ الإسلام ابن تيمية فإنّه نظر إلى السيرة نظرا فقيها وفصّل كلامه، وما فرقه من الكلام على السيرة العلامة شمس الدين ابن القيم في كتابه ”زاد المعاد في هدي خير العباد“ فإنه تناول السيرة بذكر التحقيق فيها، جمع بين ما جاء في القرآن وما جاء في السنة وكلام أهل السير، ونظر فيه نظرا فقهيا، ونظر فيه نظرا عقديا، وتبعه على هذه الطريقة الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وتلميذه وابنه عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، فإنّهم كتبوا في السيرة ناظرين إلى العلم وجمعوا فيها ما بين مقتضى العلم ومقتفى القصة أو مقتضى السيرة.

ولا شكّ أنّ هذه المدرسة هي أنفع المدارس وأعظمها كما سيأتي بيانه إنْ شاء الله تعالى.

? المدرسة الرابعة المدرسة الدعوية المعاصرة: فإنّ المعاصرين من الدعاة على اختلاف انتسابهم في الدعوة اعتنوا بالكتابة في السيرة على مختلف المشارب، وعَنَوا بكتابتهم في السيرة أنْ يأصلوا جوانب دعوية تهمهم وتهم الفئات التي ينتسبون إليها من طريق السيرة، فإنّ في السيرة ما يمكن أنْ يكون دليلا بمجرده على مسائل كثيرة في الدعوة، وقد يكون ذلك الاستدلال صوابا وقد يكون خطأ، فظهرت في هذا العصر مدرسة كبيرة كتب في ”فقه السيرة“ وكتب في ”دروس وعبر من السيرة“ وفي ”دراسات في السيرة“ وأشباه ذلك من مدارس دعوية مختلفة في الاهتمام بالسيرة من وجهة نظر دعوية، وكثير من هؤلاء لم يعتنوا بها من جهة ما صحّ من السيرة وما لم يصح، وإنما جعلوا السيرة عبرة لما يريدون من الفوائد الدعوية سواء أصحّ ذلك أم لم يصح وسواء أثبت في العلم والفقه والعقيدة أو لم يثبت ذلك، ولهذا تنوعت الكتب في هذا وهذه مدرسة أيضا من مدارس السيرة، ويمكن تسميتها بالمدرسة الدعوية المعاصرة في تناول السيرة.

? المدرسة الخامسة من مدارس السيرة مدرسة الروايات والقصة: فإنّ كثيرين من السابقين ومن المعاصرين تناولوا السيرة على أنها روايات وعلى أنها قصص، بل وربما تناولوا الصفحة الواحدة أوالصفحتين في السيرة بشيء من التفصيل وشيء من الاستطراد الأدبي فجعلوها عشر صفحات وعشرين صفحة من جهة الاستطراد، فقلبوا السير إلى قصصٍ متنوعة لتكون لمن يقرأها عوضا عن الروايات الهابطة وعن القصص الفارغة التي انتشرت في هذا العصر، فقام عددٌ ممن يحرصون على الإسلام ممن فيهم ديانة وخير على أنْ يعوضوا الناشئة في مقابلة خِضم السيل الجارف بالروايات والقصص والحكايات بأنواع شتى وبعضها مترجم من الشرق وبعضها مترجم من الغرب فقابلوها بنقل السيرة إلى قصص وروايات، وهذا لا شك أنه أفاد كثيرًا من الناشئة؛ لكن له سلبياته، ولو تناولها بعض طلبة العلم الذي يعلمون حدود ما أنزل الله على رسوله فكتبوها على شكل قصصي وعلى شكل روايات لا بأس؛ لكن تكون معتمِدةً على ما يقضي به العلم والتحقيق فإنّ فيها نفعا كبيرا للناشئة وللشباب والفتيات وللكبار أيضا.

هذه جملة من المدارس القديمة والحديثة في تناول السيرة.

إذا نظرنا للسيرة؛ يعني لما كتب في كتب السير من أخبار النبي ? والحكايات وما حصل له عليه الصلاة والسلام وجدنا أنّ السيرة اُستدل ببعض أحداثها وببعض ما ذُكر فيها على أمور عند أهل العلم -من علماء السلف والمحققين من أهل العلم ممن بعدهم- يرون أنّ تلك الاستدلالات ليست بصحيحة، بل ربما كانت باطلة، بل ربما كانت شركية، وهذا يقودنا إلى تفصيل لهذا النوع؛ وهو الذي يمكن أنْ تسميه أنواع من الاستدلالات الخاطئة بأحداث من السيرة وهي جديرة من بعض طلبة العلم المتفرغين أنْ يرصُد نفسه لجمعها فيجمع أنواع الاستدلال الباطلة مما جاء في السير على أمور لا يقرها العلم الصحيح ولا يقول بها الأئمة والعلماء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير