عن نافع عن عبدالله بن عمر؛ أنه كان يقول:
" لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر "
وأخرجه النسائي في "الكبرى" أنبأنا محمد بن الأعلى ثنا المعتمر سمعت عبيدالله عن نافع عن ابن عمر به.
قال الباكستاني صاحب كتاب: ماصح من آثار الصحابة في الفقه:
" وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم أثبات، وأخرجه مالك عن نافع به "
وقد فهم ابن حزم الأندلسي من الأثر السابق أن عبدالله بن عمر يرى بأن الصوم الواجب وصوم النفل "التطوع" لابد أن تبيت له النية من الليل.
ولا اعتراض على ما يخص "الصوم الواجب" لكن مايخص "صوم التطوع"
فلابد من الإشارة إلى أن عبدالله بن عمر كان يفتي المسلمين قائلا:
" الرجل بالخيار ما لم يطعم إلى نصف النهار، فإن بداله أن يطعم طعم، وإن بداله أن يجعله صوماً كان صائماً"
وقد أخرج هذا الأثر عن ابن عمر ابن أبي شيبة عن ابن فضيل عن أبي مالك عن سعد بن عبيدة عن ابن عمر:
1 - وابن فضيل: هو محمد بن غزوان، الضبي مولاهم، الكوفي، وثقه يحيى بن معين (ينظر: تهذيب الكمال، للمزي: 26/ 197) وقال عنه ابن حجر: "صدوق عارف"، مات سنة: 195هـ، (ينظر: التقريب: 2/ 209).
2 - وأبو مالك هو: سعد بن طارق، أبو مالك الأشجعي الكوفي، ثقة، مات في حدود: 140هـ، (ينظر: التقريب، لابن حجر: 1/ 280).
3 - وسعد هو: سعد بن عبيدة السلمي، أبو حمزة الكوفي، قال ابن حجر:" ثقة، مات في ولاية عمر ابن هبيرة على العراق" (ينظر: التقريب: 1/ 281) وهذا يعني أنه مات في حدود 103هـ؛لأن الذهبي ذكر أنه قد جمعت له العراق في سنة: 103هـ، (ينظر: سير أعلام النبلاء: 4/ 562).
ومما يزيدنا ثقة بصحة إسناد الأثر لابن عمر أن الطحاوي قد أخرج هذا الأثر من طريق آخر غير طريق ابن أبي شيبه السابق، وقد أخرجه الطحاوي بلفظ:
"متى أصبحت يوماً، فأنت على أحد النظرين، ما لم تطعم أو تشرب، إن شئت فصم، وإن شئت فافطر"، ينظر، شرح معاني الآثار، كتاب: الزكاة، باب: الرجل ينوي الصيام بعدما يطلع الفجر:2/ 110.
وواضح أن ابن عمر يقصد صوم التطوع في فتواه السابقة. فالصوم الواجب لايستطيع المسلم فطره إلا بأعذار معروفة عينها الشارع.
لكن يبقى السؤال ماهو رأي ابن عمر فيما يخص صوم التطوع في ظل المعلومات السابقة، متى تعقد النية لصومه هل من الليل كالفرض أم كما كان يفتي قائلا:" متى أصبحت يوماً، فأنت على أحد النظرين، ما لم تطعم أو تشرب، إن شئت فصم، وإن شئت فافطر"؟
وقد فطن إلى ذلك العلماء فكان تحقيقهم للأثر الوارد عن ابن عمر كالتالي:
قال الشافعي:
" فكان هذا ـ والله أعلم ـ على شهر رمضان خاصة، وعلى ما أوجب المرء على نفسه من نذر، أو وجب عليه من صوم، فأما التطوع فلا بأس أن ينوي الصوم قبل الزوال، ما لم يأكل، ولم يشرب"
وقال الترمذي:
" وإنما معنى هذا عند بعض أهل العلم: لا صيام لمن يجمع الصيام قبل طلوع الفجر في رمضان أو في قضاء رمضان، أو في صيام نذر إذا لم ينوهِ من الليل لم يجزه، وأما صيام التطوع، فمباح له أن ينوِيه بعدما أصبح،وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق"
وهنا لابد من توجيه:
قد يخفى علينا في بعض الأحيان كيفية طرح السؤال على المفتي، مما يجعل الإجابة تحتمل معاني قد لا تحتملها ما لو عرفنا كيفية طرح السؤال، وقد يتميز عصر من العصور بأسلوب في الكلام يناسب فهم أهل ذلك العصر، فيختصر الكلام من يعيش فيه، أو قد يعممه تبعاً لتأكده من فهم ومعرفة أهل ذلك العصر، ويمكن أن يكون هذا الذي حصل في هذه الحالة التي طرحت، فالذي يظهر أنه مما كان معروفا عند الصحابة رضوان الله عليهم بلا شك أن صوم النفل يصح بنية بعد طلوع الفجر فلم يحتج ابن عمر إلى توضيح ذلك، وقد صح عن جمع كثير من الصحابة أنهم كانوا ينوون صيام النفل بعد أن يصبحوا اتباعا لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم وأحكم.
ـ[هشام الهاشمي]ــــــــ[21 - 02 - 07, 05:24 ص]ـ
بارك الله فيك ورزقك من فضله
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[21 - 02 - 07, 08:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبارك الله فيك أخي الكريم هشام الهاشمي ورزقك من فضله.
تريد بذلك أن قوله () ((لا تتمنعوا إماء الله مساجد الله)) وإن كان مخرجه على العموم، فهو مخصوص بالخروج الذي فيه فساد، كما قال أكثر الفقهاء: إن الشواب اللآتي في خروجهن فساد يمنعن.
التصحيح: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله "
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[21 - 02 - 07, 08:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في هذا الموضوع عرضت بعض مايخص كيفية تحقيق فقه الصحابي إن صح التعبير،وحتى تعم الفائدة أكثر، سأعرض أهم مصادر آثار الصحابة التي تساعد الباحث على تحقيق فقه الصحابي.
- الكتب التي يمكننا تخريج الآثار بها نوعان:
النوع الأول: كتب رئيسة وهي كتب الآثار المسندة.
1 - الصحيحين.
2 - كتب السنن.
3 - المصنفات.
4 - كتب الآثار.
5 - كتب الزهد.
6 - كتب التفسير التي تذكر الآثار بالاسناد.
النوع الثاني: كتب آثار مخرجة (غير رئيسة) وهي تعتبر مساعدة أو مساندة.
1 - فهرس كنز العمال، قسم الآثار.
2 - الجامع الكبير.
3 - موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف.
4 - الحاسب.
5 - الدر المثور في التفسير بالمأثور، للسيوطي.
6 - معجم فقه السلف، لمحمد منتصر الكتاني.
7 - موسوعة فقه عمر بن الخطاب ... ،وما على شاكلته.
وهناك كتاب مهم يخص هذا الأمر وهو كتاب:
طرق تخريج أقوال الصحابة والتابعين والتخريج بالكمبيوتر
تأليف: أ. د عبدالمهدى عبدالقادر عبدالمهدى.
مكتبة الإيمان. بالقاهرة.
والله أعلم وأحكم.
¥