تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال تعالي (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو أذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) ولم يقل فتكون لهم أدمغه يعقلون بها، ولم يقل ولكن تعمى الأدمغه التي في الرؤوس كما ترى، فقد صرح في آية الحج هذه بأن القلوب هي التي يعقل بها وما ذلك إلا لأنها محل العقل كما ترى ثم أكد ذلك تأكيداً لا يترك شبهة ولا لبساً فقال تعالى (ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) فتأمل قوله التي في الصدور تفهم مافيه من التأكيد والإيضاح ومعناه أن القلوب التي في الصدور هي التي تعمى إذا سلب الله منها نور العقل فلا تميز بعد عماها بين الحق والباطل ولا بين الحسن والقبيح ولا بين النافع والضار وهو صريح بأن الذي يميز به كل ذلك وهو العقل ومحله في القلب.

وقال تعالى (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) ولم يقل بدماغ سليم وقال تعالى (ختم الله على قلوبهم) الآية ولم يقل على أدمغتهم وقال تعالى (إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه) الآية ومفهوم مخالفة الآية أنه لو لم يجعل الأكنة على قلوبهم لفقهوه بقلوبهم وذلك لأن محل العقل القلب كما ترى، ولم يقل أنا جعلنا على أدمغتهم أكنه أن يفقهوه. وقال تعالى (إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب) الآية، ولم يقل لمن كان له دماغ وقال تعالى (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك) الآية، ولم يقل ثم قست أدمغتكم وكون القلب إذا قسا لم يطع صاحبه الله وإذا لان أطاع الله، دليل على أن المميز الذي تراد به الطاعة والمعصية محله القلب كما ترى وهو العقل.

وقال تعالى (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) الآية، وقال تعالى (فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم) الآية، ولم يقل فويل للقاسية أدمغتهم ولم يقل فطال عليهم الأمد فقست أدمغتهم وقال تعالى (أفرأيت من أتخذ ألهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه) الآية، ولم يقل وختم على سمعه ودماغه وقال تعالى (وأعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) الآية، ولم يقل ودماغه، وقال تعالى (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) الآية ولم يقل ما ليس في أدمغتهم وقال تعالى (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة) الآية ولم يقل أدمغتهم منكرة وقال تعالى حتى إذا فزع عن قلوبهم) الآية ولم يقل، إذا فزع عن أدمغتهم وقال تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) الآية ولم يقل أم على أدمغه أقفالها وأنظر ما أصرح آية القتال هذه في أن التدبر وأدراك المعاني به إنما هو القلب ولو جعل على القلب قفل لم يحصل الإدراك فتبين أن الدماغ ليس هو محل الإدراك كما ترى، وقال تعالى (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) ولم يقل أزاغ الله أدمغتهم وقال تعالى (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولم يقل تطمئن الأدمغة - وقال تعالى (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) ولم يقل وجلت أدمغتهم، والطمأنينة والخوف عند ذكر الله كلاهما إنما يحصل بالفهم والإدراك، وقد صرحت الآيات المذكورة بأن محل ذلك القلب لا الدماغ وبين في آيات كثيرة أن الذي يدرك الخطر فيخاف منه هو القلب الذي هو محل العقل لا الدماغ، كقوله تعالى (وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر) الآية وقوله تعالى (قلوب يومئذ واجفه الآية، وإن كان الخوف تظهر آثاره على الإنسان، وقال تعالى (أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم) ولم يقل ونطبع على أدمغتهم، وقال تعالى (وربطنا على قلوبهم إذ قاموا) الآية وقال تعالى (إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها) والآيتان المذكورتان فيهما الدلالة على أن محل إدراك الخطر المسبب للخوف هو القلب كما ترى لا الدماغ والآيا ت الواردة في الطبع على القلوب متعددة كقوله تعالى (ذلك بأنهم أمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم) الآية ولم يقل فطبع على أدمغتهم، وكقوله تعالى (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف فطبع على قلوبهم) الآية ولم يقل على أدمغتهم وقال تعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) الآية والطمأنينة بالإيمان إنما تحصل بإدراك فضل الإيمان وحسن نتائجه وعواقبه وقد صرح في هذه الآية بإسناد ذلك اطمئناناً إلى القلب الذي هو محل العقل الذي هو أداة النفس في الإدراك ولم يقل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير