الجماعة ولا يمكن أن يقول شيخ الإسلام مثل هذا الكلام فالمأمورات تتفاوت والمحظورات تتفاوت وإذا أطلق مثل هذا الكلام فلا بد من تقييده.
92. وجهة نظر الشافعية وفيها قوة: العموم المحفوظ أقوى من العموم المخصوص فعموم ذوات الأسباب لم يدخله من المخصصات إلا أحاديث النهي فقط لكن عموم أحاديث النهي مخصوص بالفرائض وبركعتي الطواف على ما سيأتي وبجميع ذوات الأسباب فدخله من المخصصات أكثر مما دخل عموم ذوات الأسباب من المخصصات وكلما كثرت المخصصات ضعف العموم.
93. لو أن شخصاً قال لأولاده (لا يخرج أحد من صلاة العصر إلى صلاة العشاء) وبالفعل طبق وبحزم فهل عموم هذا النهي بهذه القوة يساوي ما لو قال (لا يخرج أحد) ثم جاء أحد أولاده يطلب منه الذهاب إلى البقالة لشراء شيء يسير ثم يرجع وقال له (اذهب وارجع بسرعة) وجاء آخر وقال له كذلك فسمح له والبقية منعهم؟ لا شك أن عموم الأول أقوى لأنه لا يدخله خصوص أصلاً ولذا كثرة الاستثناءات في الأنظمة تضعفها وهذا معروف عند الإداريين وغيرهم.
94. بعد هذا ماذا نقول لمن دخل المسجد في وقت نهي؟ أولاً لا ننكر على من صلى مع قوة وجهة نظر الشافعية ولا ننكر على من جلس مع قوة وجهة نظر الجمهور. يبقى ماذا يفعل الإنسان إذا دخل المسجد في وقت نهي؟ الجواب: إذا دخل في الوقتين الموسعين فالأمر أخف لأن من أهل العلم (ابن عبد البر وابن رجب وغيرهما) من قال إن النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين إنما هو من باب منع الوسائل والنهي ليس لذات الوقت بل لئلا يسترسل المصلي فيصلي في الوقت المضيق ولذا ذكر البخاري عن ابن عمر أنه كان يصلي ركعتي الطواف بعد الصبح ما لم تطلع الشمس فدل على أنه لا يصلي في الوقت المضيق ويصلي في الوقت الموسع وعلى هذا نقول: الأوقات المضيقة مدتها محدودة والنهي فيها شديد والنهي فيها لذاتها لا لغيرها فالأولى ألا يصلي الإنسان في الأوقات الثلاثة المضيقة بل ينتظر حتى يخرج وقت النهي وعرفنا أن من أهل العلم من يقول بأن الأولى ألا تدخل المسجد في هذا الوقت ومنهم من يقول بالدخول لكن مع عدم الجلوس بل الاستمرار واقفاً حتى يخرج وقت النهي لكن لو صلى فلا يثرب عليه مع قوة حجة الشافعية وأما في الوقتين الموسعين فالأمر فيه سعة ولا بأس أن يصلي (ما دامت الشمس بيضاء نقية بعد صلاة العصر لك أن تصلي) وقد دخل النهي استثناءات كقوله (إلا ركعتي الفجر) وأقر من صلى بعد الصبح راتبة الصبح وقضى راتبة الظهر بعد صلاة العصر فيضعف عموم النهي.
95. الجمهور يرون أن تحية المسجد مستحبة لا واجبة وقيل بالوجوب كما أنهم يرون أن النهي للكراهة لا للتحريم وقيل بالتحريم.
96. الأوقات الثلاثة المضيقة مربوطة بالشمس طلوعاً وزوالاً (كونها في كبد السماء) وغروباً.
97. نهي عن الدفن في الأوقات الثلاثة المضيقة فضلاً عن الصلاة مما يدل على أن الأمر فيها أشد وإن كان جمع غفير من أهل العلم يرون أن النهي (وأن نقبر فيهن موتانا) إنما هو عن صلاة الجنازة لا عن الدفن.
98. مذهب الظاهرية أنك إذا دخلت المسجد في وقت النهي فإنك تضطجع وعليه فإنك بهذا الفعل لا تخالف أحاديث الأمر ولا أحاديث النهي.
99. (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف وصلى بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار) فالأمر يخف في المسجد الحرام.
100. قضاء الرواتب في الوقتين الموسعين الأمر فيه سعة لأنه قضى راتبة الظهر في وقت النهي وسيأتي قول من يقول بأن هذا من خصائصه لأنه إذا عمل عملاً أثبته وأقر من صلى بعد صلاة الصبح واستثنى ركعتي الصبح من النهي قبل صلاة الصبح وإلا ما قبل صلاة الصبح بعد طلوع الصبح وقت نهي.
101. أداء الفرائض وقضاء الفوائت لا يدخل في النهي أصلاً لقوله (فليصلها إذا ذكرها) فهي مربوطة بوقتها.
102. من الصوارف للأمر في قوله (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) حديث الثلاثة الذين دخلوا فالذي أوى إلى الحلقة وآواه الله ما حفظ عنه أنه صلى.
103. الأوقات المضيقة لا تزيد على ربع ساعة وتزيد قليلاً في الصيف إذا طال النهار.
¥