38. بعض الفقهاء يقول إنه يتصور أن يصلي صلاة واحدة إلى أربع جهات بأن يصلي ركعة ثم يأتيه آتٍ فيقول (القبلة عن يمينك) ثم يأتيه آخر أوثق من السابق فيقول (القبلة عن يسارك) ثم يأتيه آخر أوثق من السابقين فيخبره أنها إلى جهة ثالثة وهكذا إذا أتاه رابع وهذا متصور إذا كان كل واحد منهم أوثق من الذي قبله وأما إذا كان أقل ثقة من الذي قبله فإنه لا يعمل بخبره.
39. حديث أبي هريرة (ما بين المشرق والمغرب قبلة) صحيح قواه البخاري وهذا الخطاب خاص بأهل المدينة ومن كان على سمتها ممن هو عن يمين الكعبة أو يسارها في جهة الشمال أو الجنوب.
40. هذا الحديث دليل من يقول بأن الجهة كافية (فول وجهك شطر المسجد الحرام) أي جهة المسجد الحرام والحديث صريح في الدلالة على أن الجهة كافية وهو قول الأكثر والشافعية يرون أن الواجب إصابة عين الكعبة قربت أو بعدت. هل يخفى على هؤلاء الحرج الشديد الناشئ عن قولهم هذا أو ينحل الإشكال إذا قالوا إصابة عين الكعبة على حسب غلبة الظن فلا يلزم اليقين والقطع أن هذه عين الكعبة والإنسان مكلف بغلبة الظن. فمعنى إصابة العين عند الشافعية أن تجتهد في إصابة العين لا أن تجتهد في إصابة الجهة كما هو قول الجمهور. فعندهم أنك تجتهد حتى يغلب على ظنك أنك أصبت عين الكعبة فينحل الإشكال بأن الإصابة تثبت بغلبة الظن. هذا بالنسبة لمن لم يستطع معاينة الكعبة.
41. الذي يستطيع معاينة الكعبة: هم يتفقون على أن من كان داخل المسجد فالواجب عليه إصابة عينها وأما من بعد عن المسجد فيكفي في حقه إصابة الجهة (عند الجمهور).
42. قد يكون في المسجد ويتعذر في حقه مشاهدة عين الكعبة كالذي في السطح أو في الدور الثاني في الصفوف الخلفية أو في الدور الأرضي ويحول بينه وبينها صفوف وعَمَد والمشقة تجلب التيسير وما جعل عليكم في الدين من حرج لكن ليس معنى هذا أننا لا نهتم بهذا الأمر فاستقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة فعلينا أن نحتاط لهذا. ولذا في المسجد الحرام وضعوا خطوطاً زرقاء على البلاط لتوضيح اتجاه القبلة ولا شك أن مصلحة هذه الخطوط ظاهرة ولا يترتب عليها أي مفسدة.
43. من دخل المسجد الحرام ثم كبر بمجرد دخوله ولم يحتط لإصابة عين الكعبة ثم تبين أنه لم يصب عينها فإنه تجب عليه الإعادة لتفريطه لأنه مع إمكان الرؤية ليس هناك مسوغ للاجتهاد. وعرفنا أنه إذا تعذر ذلك فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
44. تجوز صلاة النافلة على الراحلة حيث توجهت به فيومئ إيماءً برأسه ويكون سجوده أخفض من ركوعه لأنه لا يستطيع أن يقف فيركع ويسجد ولا بد أن تكون الصلاة نافلة وأن يكون ذلك في السفر. ومثل الراحلة السيارة والقطار والطائرة.
45. جمهور العلماء يخصون ذلك بالسفر على الدابة وإن كان عند جمع من أهل العلم وهو المتجه أنه في هذه الأزمان التي تقضى فيها أوقات في السيارات في الحضر إن تنفل صح ذلك لأن النافلة أمرها أوسع فهي تصح من قعود فإذا أجيزت في السفر أجيزت في الحضر لأن مبناها على أن أمرها أيسر من الفريضة لكن لا يجوز له أن يعرض نفسه ولا من معه للخطر إن كان يريد التنفل في السيارة. بل يومئ إيماءً ولا يصل إلى حد بحيث يخفى عليه الطريق.
46. الأصل أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض والعكس لكن جاء في النافلة من التسامح ما لم يأت مثله في الفريضة ومنه ما معنا فلا يجوز أن يصلي الفريضة على الراحلة إلا إذا منع من مباشرة الأرض كما لو كان على الأرض طين فحينئذ لا بأس بصلاة الفريضة على الراحلة لكن إذا لم يكن هناك مانع فالفريضة يحتاط لها أكثر مما يحتاط للنافلة.
47. من صور التخفيف في النافلة دون الفريضة هو جواز الصلاة من قعود وإن كان يستطيع القيام ويستحق بذلك نصف الأجر لكن في الفريضة لا يجوز ذلك وجاء في الباب (صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم) وجاء أيضاً حديث عمران (صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب) لماذا خص النص الأول بالنافلة والثاني بالفريضة؟ ما الذي أخرج النافلة من الحديث الثاني وما الذي أخرج الفريضة من الحديث الأول؟ لا يوجد ما يمنع من دخول النافلة في حديث عمران ولو لم يرد غيره لقلنا إنه شامل للفريضة والنافلة ولو لم يرد حديث عمران لقلنا إن الحديث الأول شامل للفريضة والنافلة وعلى هذا لماذا خصصنا حديث عمران بالفريضة
¥