وإليك البيان وعلى الله التكلان:
1 - قولك:
في الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ قَالَ: «لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا».
وكون النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن التمرة؛ لخشيته أنها من تمر الصدقة، ولو لم يحرم عليه تمر الصدقة = لأكلها = أن لغيره أكلها
ولو كانت من تمر الصدقة.
أقول حفظك الله لا بد إنك غفلت عن قول أنس رضي الله عنه "مر بتمرة في الطريق"!!
يقول ابن حجر رحمه الله:
ظاهر في جواز أكل ما يوجد من المحقرات ملقى في الطرقات، لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر أنه لم يمتنع من أكلها إلا تورعا لخشية أن تكون من الصدقة التي حرمت عليه، لا لكونها مرمية في الطريق فقط. أهـ المقصود
وأعلم وفقك الله بأن البخاري رحمه الله أورد هذا الحديث في كتاب اللقطة – باب إِذَا وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيق!!؟
فالحديث دلالته ظاهره في الشيء الحقير الملقى في الطرقات ولو كان من مال الصدقة , أما إن كان من مال الصدقة وهو تحت يد الناظر فلا يجوز أخذ الكثير ولا الحقير منه إلا بأذن من تولى أمر هذا المال كما جاء بذلك حديث ابو هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري قوله رضيَ اللهّ عنه: "وكّلني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بحفظِ زكاةِ رمضانَ، فأتاني آتٍ فجعلَ يَحثو منَ الطعامِ، فأخَذْتهُ وقلتُ: واللهِ لأرفعنّكَ إِلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: إِني محتاج، وعليّ عِيال، ولي حاجةٌ شديدةٌ. قال: فخلّيتُ عنه .... الحديث وأخره صدقك وهو كذب وكان هذا الآتي الشيطان".
الشاهد بأن ابوهريرة لم يأذن لهذا الآخذ وهو رجل واحد وما يأخذه مقارنة بزكاة رمضان المجتمعة عند ابوهريرة يعتبر طعام قليل (ملء كف) كما في رواية ,من طعام كثير لا يؤثر فيه , ولكن جاز لابوهريرة رضي الله عنه أن يخلي بين هذا الآخذ وبين الطعام بعد أن أذن له, لأنه هو المسئول عما تحت يده من المال العام.
فكيف تقول هداني الله وإياك: وكون النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن التمرة؛ لخشيته أنها من تمر الصدقة، ولو لم يحرم عليه تمر الصدقة = لأكلها = أن لغيره أكلها ولو كانت من تمر الصدقة!!؟
وأعلم وصلك الله بعفوه بأن اللقطة في الحرم ليست كغيرها بل هي لا تحل إلا لمعرف يعرفها ليتبين صاحبها وليس ليأخذها فهي حرام لا تحل لمن يلقطها كما جاء في البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ.
فهذا في اللقطة في الحرم فكيف بالمال العام الموكل به من يرعاه!!؟
بهذا تعرف خطأ استدلالك بالحديث الأول.
2 - قولك:
وفي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَصَبْتُ جِرَابًا مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَ فَالْتَزَمْتُهُ فَقُلْتُ لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا مِنْ هَذَا
شَيْئًا قَالَ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَسِّمًا. لفظ مسلم.
وفي البخاري عن ابن عمر عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ.
وقد بوب البخاري: (ما يصيب من الطعام في أرض الحرب)
أقول:
تنبه يا أخي وفقك الله بأن الجواز المتناول في هذين الأثرين مقيد بأرض الحرب وللمجاهدين ولا يصح الإستدلال به في غير هذا الموضع بارك الله فيك.
وتفهم هذا من قول ابن عمر رضي الله عنهما " في مغازينا "
وكذلك قول الحافظ ابن حجر قوله: (باب ما يصيب) أي المجاهد (من الطعام في أرض الحرب)
وأما نقلك الذي قلت فيه:
وفيه خلاف فعند الجمهور لا بأس بأكل الطعام في دار الحرب بغير إذن الإمام ما داموا فيها فيأكلون منه قدر حاجتهم.
أقول:
يُفهم من هذا بأن أذن الإمام معتبر في غير هذه الحالة عند من أباح الأكل دون أذن الإمام في الحرب.
بل قد قال الزهري: لا يأخذ شيئا من الطعام وغيره إلا بإذن الإمام.
وقال سليمان بن موسى: يأخذ إلا أن ينهى الإمام.
فإن كان أذن الإمام معتبر في حالة الجهاد والحرب عند البعض فأذنه مؤكد في حالة الأمن والسلم.
¥