والمقصود بأذن الإمام: أذنه بنفسه أو من ينوب عنه.
3 - قولك:
وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم وغيرهم عن أبي سعيد الخدري: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أذا أتى أحدكم على راعي إبل فلينادي: يا راعي الإبل ثلاثا فإن أجابه وإلا فليحلب وليشرب ولا يحملن، وإذا أتى أحدكم على حائط فليناد ثلاثا: يا أصحاب الحائط فإن أجابه وإلا فليأكل ولا يحملن ".
أقول:
قوله عليه الصلاة والسلام " فلينادي " أليس هذا من الإستئذان!!
فإذا فرضنا أن صاحب الأبل أجابك ولم يأذن لك فهل يجوز لك أن تشرب بدون أذنه؟؟؟
وقد قال ابوحاتم معلقاً على الحديث السابق: أضمر في ه?ذا الخبرِ عِلَّة الأمر، وهي اضطرارُ المرء وحاجتُه إليه دونَ تلَفِ النفس دونَ القدرة والسَّعة. أهـ
فبوب ابن حبان بعد هذا الحديث بقوله (ذِكْرُ الخبرِ الدال على أن الأمرَ ليس بإباحةٍ على العموم، بل إذا كانَ المرءُ مضطراً يَخَافُ على نفسِه التَّلَفَ)
ثم أورد رحمه الله الحديث الأتي: عن ابنِ عُمَرَ، أن رَسُولَ الله قال: «لا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ ماشيةَ أحدٍ إلا بإذنهِ، أَيُحِبُّ أحدُكُمْ أن تُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزانَتُهُ، فَيُنْتَثَلَ طعامهُ، إنما ضُروعُ مَواشِيهمْ أَطْعِمَتُهُمْ، فلا يَحْتَلِبَنَّ أَحدٌ ماشيةَ أَحَدٍ إلا بإذنهِ».
مقصودي بيان أن هذا الفعل وهو قوله عليه السلام " فليحلب وليشرب " لا يكون إلا بعد أذن صاحب المال وكذلك عند شدة الضرورة التي دون ضياع النفس والخوف عليها من التلف وهذا واضح من الحديث الثاني وقوله " إلا بأذنه ". كما قال ذلك ابو حاتم.
وقولك عفا الله عنا وعنك:
كما أن الأصول المطردة في الشريعة في: يسرها، ورفع الحرج، وعموم البلوى = تقتضي العفو والمسامحة في شحن الجوال لقلة تكلفته ذلك وحاجة المسلم له وموافقته في المعنى لشرط الواقف.
أقول ومن الله العون:
لا بد من تحرير هذا القول بارك الله فيك , فالحرج وعموم البلوى , لا تحكى بالدعاوى وفقك الله ولا نسلم لك بهذا لأن المسألة تتعلق بمن يقيم داخل الحرم كالمعتكف أو الزائر لمدة معروفة خلال أحد المواسم مثل رمضان أو أشهر الحج وهذا يجوز له أن كان معتكف بالخروج للطعام والشراب وقضاء الحاجة وكل ما يضطره للخروج من معتكفه بما في ذلك شحن الجوال ويستطيع فعله حين يذهب للأكل فيشحن جواله من أحد المحلات وبريال واحد , وخصوصاً أن المعتكف منقطع للعبادة فلا يحتاج لتشغيل الجوال دائما إلا عند الضرورة فأين الحرج في هذا عفا الله عنك.
وأما المعدم أو الفقير أو ذا الحاجة الماسة فيخرج من هذا الوصف المتقدم ويدخل في الضرورة التي تبيح الغيبة والميتة فلا يصبح حكمه حكماً عاماً للكل , والله أعلم.
ثم قولك وفقك الله:
فالذي يظهر هو أن هذه الجهات تعتبر في حكم «ناظر الوقف» ...... وعلى هذا فهذا الجهات الإشرافية هي في حكم: «ناظر الوقف» فقط، ويكون تصرفه بحدود «شرط الواقف» إن لم يخالف شرطه الشرع , وقد قرر العلماء أن ناظر الوقف ونحوه من القائمين بهذه المهام الجليلة موكلون في التصرف فيما تحت أيديهم بما تقتضيه المصلحة، ولا يحل لهم التصرف بخلاف ذلك.
أقول:
هذا كلام طيب والذي في هذا الرابط أطيب وفقك الله وزادك علماً وحلماً http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=73398
ولا خلاف في أن كل مسئول تولى أمر من أمور المسلمين فيجب عليه وجوباً التصرف فيه بما تقتضيه المصلحة , وحسبي في هذا المقام ذكر ما صح عن أبي إمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عز وجل مغلولاً يوم القيامة يده إلى عنقه، فكَّه بِرّه أو أوبقه إثمه، أوّلها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة».
ولكن ما واجبنا أذا أبُتلينا بمثل هذا الناظر أو الحاكم أو الأمير أو المسئول الذي لم يتصرف بحسب ما تقتضيه المصلحة سواء أجتهد أو جار في تصرفه!؟
هل يجوز لنا تجاهل أمره بالمنع ومخالفته بقولنا المفروض والواجب كذا وكذا ونستبيح اليسير بل والكثير بهذا العذر!؟
لا يقول هذا من يعرف أقوال المصطفى عليه الصلاة والسلام المتواترة في السمع والطاعة لمن ولاه الله أمرنا ونوابه خصوصاً عند الأثرة الشديدة الحاصلة من بعد الخلافة الراشدة عدا خلافة معاوية وعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنهم وأرضاهم.
وأخيراً قولك هداك الله وإيانا:
ولا يخفى الآن حاجة كثير من الناس للجوال؛ فكثير من مصالحهم لا يمكنهم متابعتها إلا به، والمعتكف محتاج له في كثير من أموره؛ كطعامه، وتواصله مع أولاده، وغيرها من الأمور الهامة.
إذا تقرر هذا فإن منع المسؤول من هذه المصلحة المتحققة للناس مع قلة تكلفتها بما لا يستحق أن يذكر =
تصرف بخلاف المصلحة للوقف، وهو مخالف لروح الشريعة وسماحتها من جهة.
ومخالف في المعنى لشرط الواقف الذي أنفق نفقات ..... الخ.
أقول:
إن سلمت لك تنزلاً بأن هذا خلاف المصلحة وهو أمر غير مسلم به , لا أسلم لك بأن الحاجة للجوال للمعتكف المنقطع للعبادة أصلاً بهذا التصور الذي بالغت فيه, فالواجب على المعتكف إغلاق الجوال وعدم تشغيله إلا للضرورة وبهذا يسلم من أنتهاء الشحن ولا يحتاج الى الشحن إلا يسيراً ويستطيع أن يشحن خارج الحرم كما بينت سابقاً.
وأما حكمك بأن منع المسئول هو خلاف للمصلحة فإن جاز هذا الحكم فلا يبيح لك أن تستعمل ما منعه ذلك المسئول القائم على ذلك الوقف , ومع هذا فالمسئول يكون أعلم منا بما تقتضيه المصلحة لأن من علم حجة على من لم يعلم وقد قيل في المثل الشعبي " أهل مكه أدرى بشعابها " وقال تعالى {من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها} والله أعلم
وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى وآله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العالمين
¥