تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) سورة الأعراف / 175، والعالم العامل يشخص العلة التي أمامه , ويهيئ لها الشفاء المناسب من كلام الله ورسوله , وبذلك يجيء نصحه طباً للمريض , ورحمة تذهب عناءه , ونوراً يهديه السبيل، وذلك هو نهج القرآن في بناء الأمم، وإقامة المجتمع الإسلامي النظيف.

لقد نزل القرآن منجماً حسب الحوادث , فوافقت كل آية منه حالة تتطلبها كما يتطلب الظمأ الري. فمن أحسن تنزيل هذه الأدلة القرآنية الجليلة، بحيث توافق الأوضاع، فقد أوتي علاج الأمور باسم الله، وقليل من الدعاة من يلهم الحكمة، قال تعالى: (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً) سورة البقرة/269.

ولقد أصيب الإسلام في أعصار كثيرة , ولكن مصابه في هذا العصر أليم أليم جداً , ومصابه من خلال دعاته من أدعياء العلم، الذين يعجزون عن الموازنة بين شتى تعاليمه , إما لشلل في مداركهم , أو لنقص في ثروتهم العلمية. فإذا تكاملت شخصية الداعية علماً وعملاً وإخلاص نية، استطاع أن ينزل علمه ليكون واقعاً يتداوله الناس.

فما هي مميزات طالب العلم الذي يمكن أن ينفع به الله الناس؟

إن صفات طالب العلم تتمثل في صفات إيمانية وسلوكية ونفسية:

1ـ الصفات الإيمانية: ينبغي على طالب العلم أن يعيش في الدنيا بقلوب أهل الآخرة، يعيش على الأرض وقلبه يهفو إلى رضا الله عز وجل والظفر بجنته ورفقة النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وأبرز ما يميز به طالب العلم الإخلاص لله رب العالمين، لا يعبدون الأشخاص ولا الأهواء، ولا الطاغوت أيا كان، فقد تبين لهم الرشد من الغي.

وعلى طالب العلم أن يدفعه علمه إلى الصدع بالحق، وأن يحدث العلم فيه انقلاباً نفسياً، وليتذكر حين قال أصحاب موسى لموسى إنا لمدركون، قال موسى عليه السلام [قال كلا إن معي ربي سيهدين] سورة الشورى / 62

وعلى طالب العلم أن يستشعر في هذه الحياة أنه غريب في هذه الحياة (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى! للغرباء، قيل ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس) صحيح مسلم رقم / 145

وطالب العلم الذي يملأ قلبه بالإيمان يستسهل كل صعب ويستعذب كل كدر، فلا يعيش في برج عاج بعيداً عن الناس، بل يتفاعل معهم ويحمل همومهم ويعاونهم في حل مشاكلهم، فالناس جزء منه وهو جزء منهم فلا يتعالى عليهم.

ثم إن على طالب العلم أن يكون أواباً لله يحذر من المعاصي أكثر مما يحذر من أعدائه، ويكون تائباً مستغفراً يسلك درب الصالحين من عباده: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون).

2ـ الصفات السلوكية:

يتحلى بالصدق الذي وصف الله به أنبياءه قال تعالى:ـ[واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً] سورة مريم /54

ووصف به المؤمنين الذين يتحلون بالرجولة والصدق والمحافظة على العهد فقال تعالى: [من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه] سورة الأحزاب / 23

لأن الصبر خلق ملازم للداعية، ويكفي أن يعلم أن جزاء الصبر عند رب الأرباب عظيم قال تعالى: [إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب] سورة الزمر / 10

كما ينبغي على طالب العلم أن يحب الخير للناس، ويعمل على هدايتهم ولا بد أن يفصح لهم عن حبه لهم ويخبرهم به، وأن يترجمه لهم في تصرفاته، فإن هذا أدعى إلى التفاف الناس حوله واستجابتهم له، وعليه أن يكون جواداً بالنفس يبذلها وهو أعلى مراتب البذل، ويجود بعلمه يبذله، ويمشي في قضاء مصالح الناس، فيتعب ليرتاح الناس، وأن يترك ما في أيدي الناس، فلا يلتفت إلى دنياهم بل يأمل أن يحول قلوبهم إلى حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

3 – الصفات النفسية:

ومن الصفات النفسية: معرفة الهدف والإصرار على تحقيقه والوفاء له، والهمة العالية والعمل الدائب المتواصل، ومحاسبة النفس بشدة والانتصار عليها، والصبر وتحمل المشاق والصعاب والتغاضي عن الهفوات، والصراحة في الحق والانصياع له، والاعتراف بالخطأ وعدم إفشاء السر. والاتزان النفسي، والثقة بالله عز وجل وحسن التوكل عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير