[رواه مسلم].
العشرون:
أنَّ الصدقة مطهرة للمال، تخلصه من الدَّخن الذي يصيبه من جراء اللغو، والحلف، والكذب، والغفلة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي التَّجار بقوله:
{يا معشر التجار، إنَّ هذا البيع يحضره اللغو والحلف فشويوه بالصدقة}
[رواه أحمد والنسائي وابن ماجة، صحيح الجامع].
أفضل الصدقات
الأول:
الصدقة الخفية؛ لأنَّها أقرب إلى الإخلاص من المعلنة وفي ذلك يقول جل وعلا:
(إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِىَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتؤْتُوهَا الفُقَرَاءِ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ)
[البقرة:271]
الثانية
(الصدقةُ في حال الصحة والقوة أفضل من الوصية بعد الموت أو حال المرض والاحتضار كما في قوله صلى الله عليه وسلم:
{[أفضل الصدقة أن تصدَّق وأنت صحيحٌ شحيحُ، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان كذا
[في الصحيحين].
الثالثة:
الصدقة التي تكون بعد أداء الواجب كما في قوله عز وجل:
(ويسألونك مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العَفْوَ)
البقرة:219]
وقوله صلى الله عليه وسلم:
{لا صدقة إلا عن ظهر غنى ... }
وفي رواية:
{وخير الصدقة ظهر غنى}
[كلا الروايتين في البخاري].
الرابعة:
بذل الإنسان ما يستطيعه ويطيقه مع القلة والحاجة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم
{أفضل الصدقة جهد المُقل، وابدأ بمن تعول}
[رواه أبو داود]
وقال صلى الله عليه وسلم:
{سبق درهم مائة ألف درهم}
قالوا: وكيف؟! قال:
{كان لرجل درهمان تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عرض ماله، فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها}
[رواه النسائي، صحيح الجامع]
قال البغوي رحمه الله:
(والاختيار للرجل أن يتصدق بالفضل من ماله، ويستبقي لنفسه قوتاً لما يخاف عليه من فتنة الفقر، وربما يلحقه الندم على ما فعل، فيبطل به أجره، ويبقى كلاً على الناس، ولم ينكر النبي على أبي بكر خروجه من ماله أجمع، لَّما علم من قوة يقينه وصحة توكله، فلم يخف عليه الفتنة، كما خافها على غيره، أما من تصدق وأهله محتاجون إليه أو عليه دين فليس له ذلك، وأداء الدين والإنفاق على الأهل أولى، إلا أن يكون معروفاً بالصبر، فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة كفعل أبي بكر، وكذلك آثر الأنصار المهاجرين، فأثنى الله عليهم بقوله
(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)
[الحشر:9]
وهي الحاجة والفقر
[شرح السنة].
الخامسة:
الإنفاق على الأولاد كما في قوله صلى الله عليه وسلم:
{الرجل إذا أنفق النفقة على أهله يحتسبها كانت له صدقة}
[في الصحيحين]
وقوله صلى الله عليه وسلم:
{أربعة دنانير: دينار أعطيته مسكيناً، ودينار أعطيته في رقبةٍ، ودينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته على أهلك، أفضلها الدينار الذي أنفقته على أهلك}
[رواه مسلم].
السادسة:
الصدقة على القريب، كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالاً، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيِّبٍ. قال أنس: (فلما أنزلت هذه الآية:
(لن تَنَالُواْ البِر حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ)
آل عمران:92].
قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله إنَّ الله يقول في كتابه لن تَنَالُواْ البِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ
وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{بخ بخ مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيها، إني أرى أن تجعلها في الأقربين}.
فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول، فقسَّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه
[في الصحيحين].
وقال صلى الله عليه وسلم:
{الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة}
[رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة]
وأخصُّ الأقارب - بعد من تلزمه نفقتهم - اثنان:
الأول: اليتيم؛ لقوله جلَّ وعلا:
فَلا اقتَحَمَ العَقَبَةَ (11) وَمَا أدرَاكَ مَا العَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَو إِطعَامٌ فِى يَومٍ ذي مَسغَبَةٍ (14) يَتِيماً ذَا مَقرَبَةٍ (15) أَو مِسكِيناً ذَا مَتْرَبةَ
[البلد:11 - 16]. والمسبغة: الجوع والشِّدة.
¥