قال العثيمين رحمه الله: فقام أحد الصحابة على هذا اللديغ، وجعل يقرأ عليه سورة الفاتحة، فقام كأنَّما نُشِط من عقال، فلما وصلوا إلى المدينة وأخبروا النبي عليه الصلاة والسلام بذلك، وكأنهم رضي الله عنهم شكَّوا في جواز هذا العوض، قال: (خذوا واضربوا لي معكم بسهم) قال عليه الصلاة والسلام، هذا تطييباً لقلوبهم وإلا فليس بحاجة إلى أن يسألهم أن يعطوه؛ لكن تطييباً للقلب، وهذا نأخذ منه قاعدة مفيدة وهي: أن صاحبك الذي تخاطبه إذا كان لا يقتنع أو لا تطيب نفسه إلا بفعلك ما قلتَ له فافعل؛ فإن هذا من الخير. لقاء الباب المفتوح [127] الخميس هو السابع والعشرون من شهر محرم عام (1417هـ)
القاعدة السادسة عشر:" إذا احتملت الآية أكثر من معنى لا مرجح لأحدهما للآخر ولا منافاة بينهما وجب حملها على المعنيين جميعاً "
قال العثيمين رحمه الله: قال تعالى: وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [الذاريات:37] وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً أي: علامة، فما العلامة؟ أهي علامة حسية أم علامة معنوية؟ أم علامتان معنوية وحسية، أقول لكم قاعدة مفيدة في التفسير: إذا احتملت الآية أكثر من معنى لا مرجح لأحدهما للآخر ولا منافاة بينهما وجب حملها على المعنيين جميعاً، هذه الآية نقول: آية، الآية هذه حسية ومعنوية، أما الحسية فما يشاهد من مكان قريتهم، التي تسمى بحيرة لوط، فإن هذا كان موضع القرية، كلٌ يمر به ويراه ويشاهده، كما قال تعالى: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ [الصافات:137 - 138]. آية معنوية: كل من قرأ قصتهم في جميع ما ورد فيه من السور الكريمة اعتبر واتعظ وخاف، هذه آية معنوية، لكن من الذي ينتبه لهذه الآيات، من يخافون العذاب الأليم لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ أما المنكرون الذين قست قلوبهم، فإنهم لم ينتفعوا بالآيات، قال الله تعالى: وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ [يونس:101] نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المنتفعين بالآيات .. لقاء الباب المفتوح [146] الخميس التاسع من شهر شعبان عام 1417هـ
القاعدة السابعة عشر:" الزكاة محلها المال وليس الذمة "
قال العثيمين رحمه الله: أما شروط الوجوب: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة. الإسلام: ضده الكفر، فالكافر لا يجب عليه الحج، نقول: أولاً تشهد وأسلم، ثم نقول: يجب عليك الحج. العقل: ضده الجنون، فلو فرض أن إنساناً -نسأل الله العافية- منذ صغره وهو مجنون، ومات فليس عليه حج؛ لأن جميع العبادات تسقط عن المجنون إلا واحدة فقط وهي الزكاة فإنها تجب في مال المجنون؛ لأن الزكاة محلها المال وليس الذمة، وهذه قاعدة مفيدة لطالب العلم. لقاء الباب المفتوح [197] الخميس هو الثاني من شهر ذي القعدة عام (1419هـ).
القاعدة الثامنة عشر: كل من شرع في واجب حرم عليه قطعه، إلا لعذر شرعي يبيح القطع
السؤال: رجل صام هذا اليوم (الخميس) ونواه قضاءً عن يوم من أيام رمضان، فهل يحرم عليه أن يقطع هذه النية في النهار؟ الجواب: يقول: رجل شرع في صوم قضاء رمضان فهل يجوز أن يقطع هذا الصوم في أثناء النهار؟
فالجواب: أنه لا يجوز، وسأعطيكم قاعدة مفيدة: كل من شرع في واجب حرم عليه قطعه، إلا لعذر شرعي يبيح القطع. فإذا شرع في قضاء رمضان وجب عليه أن يتم اليوم ولا يجوز له القطع، وإذا شرع في صلاة مفروضة وجب عليه أن يتمها ولا يجوز له القطع، وعلى هذا فقس، فإذا كان قد فعل فعليه أن يتوب ويأتي بدله بيوم. لقاء الباب المفتوح [225] الخميس هو الثامن والعشرون من شهر شوال عام (1420هـ).
القاعدة التاسعة عشر:" المحظورات يُعذر فيها الإنسان: بالجهل. والنسيان. والإكراه. أما المأمورات فإنها لا تسقط "
قال العثيمين رحمه الله: المفسدات هي محظورات في الصيام، ولا تُفسد الصومَ إلا بشروط ثلاثة: 1/ العلم. 2/ والذكر. 3/ والقصد. وذلك لأن المشهور عند أهل العلم أن المحظورات يُعذر فيها الإنسان: بالجهل. والنسيان. والإكراه. أما المأمورات فإنها لا تسقط بالجهل، والنسيان، والإكراه، بل يفعل الإنسان ما يقدر عليه، ويتدارك ما يمكنه تداركه. وهذه القاعدة التي أصَّلها أهل العلم لها دلائل من الكتاب والسنة، وهي قاعدة مفيدة لطالب العلم. فمثلاً: الصلاة من باب فعل المأمور أو من باب ترك المحظور؟ الجواب: من باب فعل المأمور. والفرق بينهما لئلاَّ يشتبه: أن ما طُلب فعله فهو: مأمور، وما طُلب اجتنابه فهو: محظور. فالصلاة طُلب فعلها، إذاًَ: هي من باب فعل المأمور، لم تسقط لا بالنسيان، ولا بالجهل ...
جلسات رمضانية لعام 1411هـ[3] ليلة الأحد الموافق للثامن من رمضان عام: (1411هـ)
الحمد لله رب العالمين
ورحم الله العثيمين رحمة واسعة
أخوكم / رأفت الحامد بن عبدالخالق العدني
17 محرم 1429 هـ
¥