[بر الوالدين. خطبة جمعة.]
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[02 - 02 - 08, 11:56 ص]ـ
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}.
أما بعد:
فإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد – صلى الله عليه وسلم – وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون:
عبادة عظيمة من العبادات التي يُتقرب بها إلى رب البريات، عبادة هي من أبواب الجنات، عبادة موصلة إلى رضا الرحمن الرحيم، هذه العبادة هي بر الوالدين.
أيها المسلمون:
يقول الله تبارك و تعالى في محكم التنزيل: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}.
قال النبي – صلى الله عليه وسلم – كما في المسند وسنن النسائي: [ثلاثة حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق لوالديه، والديوث الذي يقر الخبث في أهله]. وحسنه الألباني.
وفي الصحيحين قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: [ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله و عقوق الوالدين و قول الزور].
عقوق الوالدين: الأب والأم، وعقوقهما أن يقطع ما يجب لهما من بر وصلة، أو يسيئ إليهما بالقول أو الفعل.
وقد اتفق أهل العلم على فرضية بر الوالدين، واتفقوا على أن عقوقهما من الكبائر.
قال النووي في " شرح مسلم ": [وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى الْأَمْر بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَأَنَّ عُقُوقهمَا حَرَام مِنْ الْكَبَائِر].
والداك: أمك وأبوك، أمك التي حملتك في بطنها تسعة أشهر تزيد أو تنقص، ومن هذا الذي يرفع الثقل والحِمل تسعة أشهر متواصلة في ليله ونهاره، وحله وترحاله إلا الأم؟!
وسقتك من ثديها، بطنها لك وعاء، وصدرها لك سقاء، تمرض إذا مرضت، وتتأوه إذا تنهدت، وتسهر عليك الليالي لا تذوق غُمضا حتى ترتاح، تميط عنك الأذى بيدها!، والواحد يتأفف من أذى نفسه!
وأما أبوك: يجوب الفيافي والقفار، ويتعب فكره وعقله وجسمه من أجلك، من أجل أن يؤمن لك الراحة واللقمة الهنية.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رجلا قال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: " أمك " قال: ثم من؟ قال: " أمك " قال: ثم من؟ قال: " أمك " قال: ثم من؟ قال: " ثم أبوك ".
ثم بعد ذلك: تجد أبناء يعقون والديهم!، ولا يعرفون لهم حقهم، ولا يحفظون لهم جميلهم، تجد واحدهم يعق والديه قولا وفعلا، يخاطبهم بجفوة، يقسو عليهم، ويحد لهم النظر، وكأنه يريد أن يؤدبهم!!، يقدم زوجته على والديه!، يطيع زوجته ويعصي والديه! مستصحبا كل لفظ سيء في معاملتهما، بل من الأبناء – وبئس ما يصنع – يودعهما دار العجزة، لا يدري عنهما شيئا!! فهل هذا جزاء الإحسان؟!!
شهد ابن عمر – رضي الله عنهما – رجلا يمانيا يطوف بالبيت، حمل أمه وراء ظهره، يقول:
إني لها بعيرُها المذلِّلْ ... إن أُذعِرَتْ ركابهُا لم أُذْعرْ.
ثم قال: يا ابن عمر أتراني جزيتها؟ قال: لا، ولا بزفرة واحدة!]. رواه البخاري في " الأدب المفرد " وصححه الألباني - رحمه الله تعالى –
وفي " الأدب المفرد " أيضا عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال لرجل: أتفرق النار، وتحب أن تدخل الجنة؟
قلت: إي، والله! قال: أحيٌّ والداك؟ قلت: عندي أمى.
قال: فوالله! لو ألنت لها الكلام، وأطعمتها الطعام، لتدخلن الجنة ما اجتنبت الكبائر. صححه الألباني.
وروى الستة إلا البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال:
¥