تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مَنْكِبَيْك، وَالِاسْتِغْفَار أَنْ تُشِير بِإِصْبَعٍ وَاحِدَة، وَالِابْتِهَال أَنْ تَمُدّ يَدَيْك جَمِيعًا. وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْهُ قَالَ: يَرْفَعيَدَيْهِ حَتَّى يُجَاوِز بِهِمَا رَأْسه. وَقَدْ صَحَّ عَنْ اِبْن عُمَر خِلَاف مَا تَقَدَّمَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " مِنْ طَرِيق الْقَاسِم بْن مُحَمَّد " رَأَيْت اِبْن عُمَر يَدْعُو عِنْد الْقَاصّ يَرْفَع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ بَاطِنهمَا مِمَّا يَلِيه وَظَاهِرهمَا مِمَّا يَلِي وَجْهه ".

فتح الباري (دَعَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَرَأَيْت بَيَاض إِبْطَيْهِ)

هَذَا طَرَف مِنْ حَدِيثه الطَّوِيل فِي قِصَّة قَتْل عَمّه أَبِي عَامِر الْأَشْعَرِيّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي الْمَغَازِي فِي غَزْوَة حُنَيْنٍ، وَأَشَرْت إِلَيْهِ قَبْل بِثَلَاثَةِ أَبْوَاب فِي " بَاب قَوْل اللَّه تَعَالَى وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ". قَوْله (وَقَالَ اِبْن عُمَر رَفَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِد) وَهَذَا طَرَف مِنْ قِصَّة غَزْوَة بَنِي جَذِيمَة بِجِيمٍ وَمُعْجَمَة وَزْن عَظِيمَة، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا مَعَ شَرْحه فِي الْمَغَازِي بَعْد غَزْوَة الْفَتْح، وَخَالِد الْمَذْكُور هُوَ اِبْن الْوَلِيد. هَذَا الْحَدِيث مُشْتَمِل عَلَى أَنْوَاع مِنْ الْفَوَائِد مِنْهَا: بَيَان كَمَال شَفَقَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّته وَاعْتِنَائِهِ بِمَصَالِحِهِمْ، وَاهْتِمَامه بِأَمْرِهِمْ، وَمِنْهَا: اِسْتِحْبَاب رَفْع الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء

فتح الباري لابن رجب: كتاب الصلاة:

وقول أنس: ((كان لا يرفع يديه إلا في الاستسقاء) في معناه قولان: أحدهما: أن أنسا اخبر عما حفظه من النبي- صلى الله عليه وسلم -، وقد حفظ غيره عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه رفع يديه في الدعاء في غير الاستسقاء - أيضا. وقد ذكر البخاري في ((كتاب الأدعية)): ((باب: رفع الأيدي في الدعاء)): وقال أبو موسى، دعا النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم رفع يديه، ورأيت بياض إبطيه. وقال ابن عمر: رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه، وقال: ((اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد)). ثم ذكر رواية الأويسي تعليقاً، وقد ذكرناها في الباب الماضي.

والثاني: أن أنساً أراد أنه لم يرفع يديه هذا الرفع الشديد حتى يرى بياض إبطيه، إلا في الاستسقاء.

وقد خرّج الحديث مسلم، ولفظه: كان النبي- صلى الله عليه وسلم - لايرفع يديه في شىء من دعائه الا في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه. ومع هذا؛ فقد رأه غيره رفع يديه هذا الرفع في غير الاستسقاء - أيضا.

ابن بطال: قال المهلب: رفع اليدين فى الاستسقاء وغيره مستحب؛ لأنه خضوع وتذلل، وتضرع إلى الله تعالى، وروى عن النبى، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: «إن الله حيى، يستحيى إذا رفع العبد إليه يديه أن يردهما صفرًا». وذكر ابن حبيب قال: كان مالك يرى رفع اليدين فى الاستسقاء للناس والإمام، وبطونهما إلى الأرض، وذلك العمل عند الاستكانة والخوف والتضرع وهو الرَّهَبُ، وأما الرغبة والمسألة فتبسط الأيدى، وهو الرَّغَبُ وهو معنى قول الله، تعالى: {ويدعوننا رغبًا ورهبًا} [الأنبياء: 92]، خوفًا وطمعًا، وروى عن مالك فى المجموعة أنه استحسن رفع الأيدى فى الاستسقاء والحجة له قول أنس: أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يرفع يديه فى شىء من دعائه إلا فى الاستسقاء. وقال ابن القاسم فى «المدونة»: يرفع يديه فى الاستسقاء ومواضع الدعاء، ومن مواضع الدعاء: الصفا والمروة، وعند الجمرتين، وبعرفات، وبالمشعر الحرام رفعًا خفيفًا ولا يمد يديه رافعًا.

شرح مسلم للنووي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير