تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المعالم الأساسية لمنهج الإمام ابن حزم الأندلسي رحمه الله]

ـ[مبارك]ــــــــ[30 - 01 - 03, 02:15 ص]ـ

إن الحمد لله، نحمدُه ونستعينه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسِنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

وأشهد أن محمداً عبده ورسولُه.

أمَّا بعدُ:

ففي هذه العجالة أحب أن أشارك الأخوة الفضلاء في هذا الملتقى المبارك في الحديث عن الإمام العلم العالم العامل أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري ـ رحمه الله تعالى ـ ولقد حداني

للكتابة عن ترجمان المعارف الإسلامية ما لمسته وشعرت به من تقدير وإجلال وتعظيم من الكثير الطيبين في هذا الملتقى المبارك فلهم مني جزيل الشكر وأثابهم الله على ذلك وجعل ذلك في موازين أعمالهم.

ومشاركتي هي: عن أهم المعالم الأساسية لمنهج الإمام الحافظ ابن حزم الظاهري في مجال البحث الديني:

1 ـ الالتزام بالنص قرأناً أو سنةً ثابتةً في حدود المعنى الظاهر بحكم دلالة اللغة الواضحة.

قال ابن حزم: لا سبيل إلى معرفة شيء من أحكام الديانة إلا من القرآن، والسنة، والإجماع، والدليل وهي كلها راجعة إلى النص.

قال أبو عبدالرحمن: فقد جرى الفهم العام المشترك على أن الظاهرية هي: المعنى الحرفي الواضح دون الخفي الذي لا يعرف إلا بالاستنباط وهذا وهم أي وهم فالظاهر هو كل ما تدل عليه القضية سواء أكان واضحاً أم خفياً. فإن كانت القضية عقلية فظاهرها ما لا يحتمل العقل غيرها بيقين أو رجحان.

وإن كانت القضية نصية فظاهرها ما تدل عليه اللغة بيقين أو رجحان من ناحية المفردة والصيغة والرابطة والسياق أو السياقات.

والله المستعان.

2ـ الاعتراف بإجماع الصحابة ومن يجيء بعدهم كمصدر للتشريع ورفض القياس في الشرع والاستحسان وغيرهما ويضاف إلى الإجماع مصدر يسمى الدليل وهو مولد من النص أو الإجماع وليس حملا عليهما.

قال أبو عبدالرحمن: باب سد الذرائع لا ينكره ابن حزم إذا كان أداء الوسيلة إلى المفسدة قطعياً ويقينياً، أما إذا كانت الوسيلة إلى المفسدة ظنية فينكر الأخذ بها. (قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية صفحة 372).

3ـ إيراد حجج الخصوم واعتبار التجني على الخصوم والتقول عليهم بما لم يقولوا جريمة البحث.

4ـ ما اختلف فيه الصحابة رضي الله عنهم فليس قول بعضهم أولى من قول بعض (ومن جاء بعدهم أولى بذلك. والنصوص وحدها هي المتقيد بها).

5ـ النظر إلى أئمة المذاهب نظرة متساوية؛ لأنه لا معنى للتعصب لمالك دون الشافعي، أو غيره.

6ـ رفض التقليد (ويكفي أن القائلين به مقرون على أنفسهم بأنه لا يحل، فلا يحل لأحد أن يأخذ بقول أحد بلا برهان).

قال أبو عبدالرحمن: ولا يعني رفضه للتقليد فتح باب الإجتهاد على مصراعيه للعامي وأنصاف المتعلم، فيتكلمون في دين الله بغير علم، وإنما أراد الإجتهاد قدر الطاقة وهو السؤال عن الدليل عند إجابة المفتي أ و البحث عمن استفاضة شهرته بالعلم والصلاح والتقوى فيسأله. (انظر: الإحكام 7/ 151)

7ـ الاهتمام بالمصادر الكثيرة سواء في الحديث أو في غريب الحديث أو في اللغة أو في الفقه. (انظر: رسائل ابن حزم 3/ 87).

8ـ لا حجة في الكثرة (فإن خالف واحد من العلماء جماعة فلا حجة في الكثرة، لأن الله تعالى يقول وقد ذكر أهل الفضل: وقليل ماهم).

(انظر: النبذ 88).

9ـ العبرة في الأمور بالرواية فإذا روى الصاحب حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروي عن ذلك الصاحب أنه فعل خلافاً لما روى فالفرض الحق: أخذ روايته وترك ما روي عنه. (انظر: النبذ 98).

10ـ رفض التعليل فالشريعة تعبدية والمعقول منها نص الله على معقوليته

11ـ وطريقته أن يبدأ المسألة ثم يقول: قال أبو محمد ـ وهي كنيته ـأو قال " علي " ـ وهو أسمه ـ ثم يذكر فقهه ثم يستدل عليه بأية أو حديث بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم من طرقه المختلفة. وقد يستدل بالإجماع الذي هو عنده إجماع كل عصر إذا لم يتقدم قبله في ذلك المسألة خلاف .... وهو يعني بالعلماء: " المجتهدون الذين حفظت عنهم الفُتيا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وعلماء الأمصار وأئمة الحديث ومن تبعهم .. ".

12ـ وبعد إيراد كل هذا بسنده إلى قائليه يأتي دور التحليل والنقد فيصحح ويضعف ويعدل ويجرح ويقبل ويرفض ويقارن بين فقيه وفقه غيره ويناقش الأدلة والحجج بلغة علمية أدبية عرف بها علماء الأندلس.

13ـ يكثر من إيراد كلام غيره في الجرح والتعديل، ككلام شعبة، وسفيان الثوري، وعبدالله بن المبارك، وأحمد بن حنبل، وعبدالرحمن ابن مهدي، ويحيى بن سعيد، ويحيى بن معين وغيرهم.

14ـ أيراد ما قد يتبادر للذهن أنه يصلح حجة للخصم ومن ثم نقضه.

15ـ إن ابن حزم ـ وإن كان ظاهرياً ـ لا يبطل العقل البشري (وإن بدا أنه يلغيه في القياس) لأنه يحدد وظيفة العقل البشري، وهو بذلك ـ وإن كره المقلدون ـ رائد لدراسات الفلاسفة النقديين في نظرية المعرفة.

قال أبو عبدالرحمن: ووظيفة العقل بالنسبة للشرع إدراك النصوص وفهمها وتمييز مدلولاتها.

16ـ احتفاؤه بغرائب الفقه وفي المحلى من غرائب فقه الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم عجائب يستنبط منها مدى السعة والشمول والتطور والمرونة في التشريع الإسلامي.

هذه هي ابرز معالم منهج ابن حزم في البحث الديني، وقد دلت عليها كتبه التي بين أيدينا. (انظر: ابن حزم الأندلسي وجهوده في البحث التاريخي والحضاري 92 ـ 95).

قال أبو عبدالرحمن: وهناك ميزة عظيمة يتمتع بها الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى وهي الرجوع إلى الحق متى ما تبين له خطأه. (أنظر: التقريب لحد المنطق 4/ 337ـ338ـ رسائل ابن حزم).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير