تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثمن - {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12].

عشر - {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آَتَيْنَاهُمْ} [سبأ: 45].

ومن السهل ملاحظة أن القرآن الكريم إنما يستخدم العدد عشرة ومضاعفاته بوفرة، ويجيء ذكر العدد عشرة في كثير من الآيات، مثل قوله تعالى:

{وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2].

{فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} [القصص: 27].

{تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196].

** الحساب العشري:

عندما نزل القرآن الكريم كان هناك نوعان من الحساب: الحساب العشري ثم الحساب الستيني، ويدخل حساب "الدستة أو العدد 12" ضمن الحساب الستيني، ونحن ما زلنا نستخدم الحساب الستيني في تقدير الزمن مثلاً، فنقول: إن الساعة الواحدة فيها "60" دقيقة، وإن الدقيقة الواحدة تساوي 60 ثانية ... ونحن ما زلنا كذلك نستخدم الحساب الستيني في تقدير الزوايا التي نقدرها بالدرجات، ونقول: إن في الدرجة 60 دقيقة، وهلم جرًّا ... وواضح أن هذا الحساب الستيني حساب عقيم وقاصر، لم يدم استعماله إلا في الهندسة، وحساب كسور الساعة.

أما الحساب العشري، فهو يقوم على أساس القيم الموضعية "أو الخانات على حد تعبيرنا في هذا العصر"، فالرقم 7 مثلاً هو 0.7 في خانة الجزء من عشرة، وهو 70 في خانة العشرات، و700 في خانة المئات، وهلم جرًّا ... ويستخدم الصفر في الخانة التي تخلو من الأرقام، كما أن عدد هذه الأرقام هو تسعة فقط، ولفظ "صفر" تعبير عربي ترجمه الغربيون إلى لفظ "زيرو"، وعلى هذا النحو يمكن كتابة أي عدد مهما كان قدره باستخدام الأرقام التسعة والصفر الذي استحدثه العلماء المسلمون، ورمزوا له بدائرة لا يزال يستخدمها الغربيون لنفس الغرض.

والعجيب أن الأرقام التي نطلق عليها اليوم اسم الأرقام الإفرنجية، هي في الواقع أرقام عربية، استخدمها علماء المسلمين في أول الأمر، ودخلت أوروبا عن طريق الأندلس.

أما الأرقام التي نستخدمها نحن اليوم، فهي سلسلة الأرقام الهندية، وقد عم استعمالها في أغلب بلاد المسلمين الآن.

وأكبر دافع حمل المسلمين الأُوَل على الأخذ بالحساب العشري بدلاً من الحساب الستيني العقيم - هو القرآن الكريم، وبذلك فتح أمامهم باب التقدم العلمي في علوم الحساب والرياضة، التي هي في واقع الأمر من أكبر الدعائم التي بنيت عليها الحضارة العلمية الحديثة.

وأول من وضع علامة الكسر العشري واستخدمها هم العلماء المسلمون، على يد أمثال جمشيد الكاشي في كتابه "الرسالة المحيطية"، ثم في كتابه المشهور الذي تم تحقيقه حديثًا "مفتاح الحساب".

ويعطي بعض الناس منذ القدم أهميَّةً لبعض الأعداد، وقد يقدسونَها، إلا أنَّ القُرآنَ الكريم نَبَذَ كُلَّ ذلك واستبْعَدَه، وأعجب العجب أنه استخدم حساب النسبة المئوية كما نعرفها اليوم تمامًا في سورة ص الآية (23): {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ}، إذ من الجلي والواضح أنَّ مَجموع النعاج 100، وأنَّ لأحدهما (99) في المائة، وللآخر (1) في المائة من المجموع.

ولقد ورد في القرآن الكريم ذكر العدد عشرة كوحدة للتجزئة وللتضاعف، وذلك في مواضع عديدة، وفيما يلي أمثلة منها:

(أ) أمثلة لاستخدام العشرة:

{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160].

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود: 13].

{يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} [طه: 103].

{فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} [القصص: 27].

{تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196].

{وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2].

{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89].

(ب) أمثلة من الضرب في عشرة ومضاعفاتها:

{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160].

{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 65].

{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261].

{لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3].

{وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47].

{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4].

وجدير بالذكر أنه عندما تقدَّم علم الفلك على يد المسلمين إبان نهضتهم - استخدموا في حساباتهم الهندسية الحساب الستيني على النحو الذي نستخدمه نحن الآن، وإليك ما قاله جمشيد في كتابه "مفتاح الحساب":

"واعلَمْ أنَّ مُحيط الدائرة يُحيطها بثلثمائة وستين قسمًا متساويًا، يسمون كل قسم درجة ... وكل ثلاثين درجة من دائرة البروج تسمى برجًا ... ويقسمون كل درجة ستين قسمًا متساويًا يسمونه الدقائق، وكل دقيقة ستين ثانية، وكل ثانية ستين ثالثة، وكل ثالثة ستين رابعة، وهكذا إلى ما لا نهاية له".

ومن ألوان الحساب التي كانت تستخدم حساب "المنجِّمين"، والتنجيم لا يدخل تحت باب العلم؛ بل هو مجرد رجم بالغيب لا أساس له، (وللعقلاء قول مشهور: "كذب المنجمون ولو صدقوا")، إنَّما صدقهم يكون لمجرد (الصدفة)، وليس عن طريق العلم أو اليقين.

ويقول جمشيد عن طرق حساب المنجمين: "أعدادهم على ترتيب حروف: أبجد - هوز - حطي - كلمن - سعفص - قرشت - ثخذ - ضظغ، وهي ثمانية وعشرون حرفًا، تسعة آحاد، وتسعة عشرات، وتسع مئات، وألف واحدة".

والله أعلم

د. محمد جمال الدين الفندي

المصدر: كتاب "مع القرآن في الكون"

http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2412

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير