تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأخوَّة في الله بين الأمل المنشود والواقع الأليم

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[29 - 04 - 08, 03:44 ص]ـ

الأخوَّة في الله بين الأمل المنشود والواقع الأليم

سؤال:

عرفت أهمية الحفاظ على الأخوَّة في الله سبحانه وتعالى، الآن تغيرت الأمور، والناس يتمايزون في علاقاتهم، وصداقاتهم لعدة أسباب، منها: الافتخار بالذات، والغرور، والحالة المادية واجهتها عدة مرات، عندما ترى الآخرين - وحتى في المسجد - يتجاهلونك، ولا يأبهون بك. سؤالي هو: كيف أتعامل مع هذه المشكلة؟ أفهم تماماً أن عليَّ أن أقوم بواجبي لله تعالى، وسأحافظ على سيرتي الحسنة مع الآخرين لله، إلا أنني أصاب بخيبة أمل عندما ألاحظ معاملة الناس لي هكذا، آمل أن تسلطوا الضوء على هذه القضايا الاجتماعية المهمَّة جدّاً في هذا الوقت. جزاكم الله خيراً.

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

الأخوَّة في الله، والحب في الله، من أعظم شعائر الدين، وأوثق عرى الإيمان، وقد جاء في كتاب الله تعالى، وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، ما يبين ذلك ويوضحه بأجلى صورة، وأحلى عبارة، ويكفينا في ذلك بعض الآيات والأحاديث، ومنها:

قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات/ من الآية 10.

وقوله: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) آل عمران/ 103.

وعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ).

رواه البخاري (16) ومسلم (43).

قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله -:

الخصلة الثانية: أن يحب المرء لا يحبه إلا لله، والحب في الله من أصول الإيمان، وأعلى درجاته، ... وإنما كانت هذه الخصلة تالية لما قبلها؛ لأن مَن كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما: فقد صار حبُّه كله له، ويلزم من ذلك أن يكون بغضه لله، وموالاته له، ومعاداته له، وأن لا تبقى له بقية من نفسه وهواه، وذلك يستلزم محبة ما يحبه الله من الأقوال، والأعمال، وكراهة ما يكرهه من ذلك، وكذلك من الأشخاص.

" فتح الباري " لابن رجب (1/ 49 – 51) باختصار.

ثانياً:

لو كان حبُّ المسلم لأخيه حبا لله تعالى: لما اشتكى مشتكٍ من أفعال بعض من لم يذق حلاوة الإيمان، ومن جعل ميزان حبَِّه للآخرين: اللغة، أو اللون، أو البلد، أو الحزب والجماعة، أو المال، أو حسن الصورة: فقد خاب وخسر، واستعمل ميزانَ ظلم، وليس بمستنكر بعدها ما يصدر منه من تصرفات تجاه إخوانه، وأما إن كان ميزانه في الحب في الله: الاستقامة، والخلُق: فليبشر بثواب جزيل، وفضل عميم، من ربه الكريم.

عَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).

رواه أبو داود (3527)، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

قال الملا علي القاري في " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ":

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير