ولا شك أن من منفعة الوالدين حفظ مالهما، ولهذا فالأصل وجوب طاعتهما في ذلك.
وأيضا: فإنه لا يجوز للولد أن يأخذ شيئا من مال والديه إلا بإذنهما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).
لكن يستثنى من ذلك جواز أخذ الابن نفقته بالمعروف، إذا كان الوالد لا يعطيه نفقته، ومن جملة النفقة: ما يستعين به على طلب العلم الواجب.
لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقَالَ: (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ) رواه البخاري (5364).
وأما طلب علم الدين ـ بصفة عامة ـ فهو من أهم ما يحتاج إليه المسلم في حياته، ومن أولى ما ينبغي أن يصرف عنايته إليه؛ أقبل الابن على العلم الشرعي، سواء كان عن طريق الحضور المباشر لدروس أهل العلم الثقات، أو كان ذلك عن طريق الكتاب أو الشريط أو موقع موثوق به، ونهاه والداه عن شيء من ذلك، ولم يمكنه تحصيل المصلحة الشرعية من طريق آخر لا يغضبهما، فإنه لا يطيعهما في ذلك، بل يقدم طلب ما يحتاج إليه من العلم الشرعي على ذلك.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن أب يمنع ابنه من حضور مجالس الذكر والدروس العلمية، ونتج عن ذلك أن هذا الولد ترك الالتزام، واتجه للأفلام وما شابهه من المحرمات، هل يعتبر فعل هذا الوالد من الصد عن سبيل الله؟ وهل يطاع في هذه الحالة؟
فأجاب:
" إذا نهاك أبوك أو أمك عن حضور المجالس فلا تطعه؛ لأن حضور مجالس الذكر خير، ولا يعود على الوالدين بالضرر، فلهذا نقول: لا تطعهما، ولكن احرص على أن تداريهما، ومعنى المداراة: ألا تبين أنك تذهب إلى حلق الذكر كأنك تذهب إلى أصحابك أو ما أشبه ذلك.
أما بالنسبة للأب والأم اللذين يمنعان الولد من حضور مجالس الذكر، فإن منعهما من الصد عن ذكر الله، وهما آثمان في ذلك، والذي ينبغي للأب والأم إذا رأيا ولدهما قد أقبل على العلم أن يستبشرا بذلك، وأن يساعداه بكل ما يستطيعان؛ لأن هذا من نعمة الله عليه وعليهما، فمن الذي ينفع من الأولاد إذا مات الإنسان؟ الولد الصالح، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٌ صالح يدعو له) " انتهى. لقاءات الباب المفتوح، رقم (99) ص (9).
وبناء على ذلك نقول: إن كنت لا تستطيعين تعلم أحكام الشريعة الواجب عليك تعلمها - كالعقيدة، وأحكام الطهارة والصلاة والصوم وأحكام المعاملات التي تقدمين عليها – إلا بدخول الإنترنت، فإنه يجوز لك أن تدخلي بدون إذن والديك، وأن تنفقي في ذلك بالمعروف، وليس لك أن تزيدي على ذلك إلا بإذن.
وما رأيتِ فائدته ونفعه من المواقع يمكنك تحميله كاملا، بواسطة البرامج المعدة لذلك، ثم تتصفحينه من غير اتصال بالإنترت، فتتحقق لك الفائدة من غير مخالفة لوالديك.
ونسأل الله لنا لك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[24 - 04 - 08, 07:37 م]ـ
ولعل هذا النقل أيضا يفيد اخوتي الأفاضل ..
وهذا سؤال موجهه لابن عثيمين رحمه الله (وقد يكون قريب من موضوعنا في نظري)!!
السؤال سؤال:
ما حكم من لم يسمح له والده بالاعتكاف لأسباب غير مقنعة الجواب:
الحمد لله
"الاعتكاف سنة، وبر الوالدين واجب، والسنة لا يسقط بها الواجب، ولا تعارض الواجب أصلاً، لأن الواجب مقدم عليها، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه)؛ فإذا كان أبوك يأمرك بترك الاعتكاف ويذكر أشياء تقتضي ألا تعتكف لأنه محتاج إليك فيها، فإن ميزان ذلك عنده وليس عندك، لأنه قد يكون الميزان عندك غير مستقيم، وغير عدل، لأنك تهوى الاعتكاف، فتظن أن هذه المبررات ليست مبرراً، وأبوك يرى أنها مبرر.
والذي أنصحك به ألا تعتكف، نعم، لو قال لك أبوك: لا تعتكف ولم يذكر مبررات لذلك، فإنه لا يلزمك طاعته في هذه الحال، لأنه لا يلزمك أن تطيعه في أمر ليس فيه ضرر عليه في مخالفتك إياه، وفيه تفويت منفعة لك" انتهى.فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"رسالة أحكام الصيام وفتاوى الاعتكاف" (ص 31)
وهذا نقل آخر
وإن كان الوالدان يمنعان من حضور حلقات العلم كراهة في العلم الشرعي، فلا إذن لهما ولا طاعة في ذلك، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ... وأما إذا علم كراهة الوالدين للعلم الشرعي فهؤلاء لا طاعة لهما، ولا ينبغي له أن يستأذن منهما إذا خرج؛ لأن الحامل لهما كراهة العلم الشرعي " 3 - وإن كان الخروج لطلب العلم يستلزم السفر والغياب عنهما مع حاجتهما إليك لخدمتهما ونحو ذلك، فلابد من إذنهما؛ أما إذا كان طلب العلم في البلد التي أنت بها، ولا يحتاجان إليك فترة غيابك فلا يشترط إذنهما في ذلك.
روى الخلال عن أحمد رحمه الله: " أن رجلا سأله: إني أطلب العلم، وإن أمي تمنعني من ذلك، تريد حتى أشتغل في التجارة؟ قال لي: دارِها وأَرضها، ولا تدع الطلب.
وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 646): "ذكر صاحب النظم: لا يطيعهما في ترك نفل مؤكدٍ، كطلب علم لا يضرهما به" انتهى
¥