ـ[عبدالله العلاف]ــــــــ[27 - 04 - 08, 10:42 ص]ـ
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
ـ[المعلمي]ــــــــ[27 - 04 - 08, 10:56 ص]ـ
{بسم الله الرحمن الرحيم}
أخي الفاضل أبو الحسن الأثري:
هناك كلام حسن يتعلق بهذه المسألة ذكره الإمام النووي في كتاب (رياض الصالحين) وكتاب (الأذكار) ولا مندوحة من إيراده في هذا الموطن:
االمكتبة الشاملة - الأذكار - (ج 1 / ص 276)
وأما المدح في وجه الممدوح فقد جاءت فيه أحاديث تقتضي إباحته أو استحبابه، وأحاديثه تقتضي المنع منه.
قال العلماء: وطريق الجمع بين الأحاديث أن يقال: إن كان الممدوح عنده كمال إيمان، وحسن يقين، ورياضة نفس، ومعرفة تامة، بحيث لا يفتتن، ولا يغتر بذلك، ولا تلعب به نفسه، فليس بحرام ولا مكروه، وإن خيف عليه شئ من هذه الأمور، كره مدحه كراهة شديدة.
ولا بأس بأن ننقل من كتاب " الإحياء " للإمام الغزالي استئناسا به:
المكتبة الشاملة - إحياء علوم الدين - (ج 2 / ص 351)
والمدح يدخله ست آفات: أربع في المادح، واثنتان في الممدوح، فأما المادح:
فالأولى: أنه قد يفرط فينتهي به إلى الكذب. قال خالد بن معدان: من مدح إماماً أو أحداً بما ليس فيه على رؤوس الأشهاد بعثه الله يوم القيامة يتعثر بلسانه.
والثانية: أنه قد يدخله الرياء فإنه بالمدح مظهر للحب، وقد لا يكون مضمراً له ولا معتقداً لجميع ما يقوله فيصير به مرائياً منافقاً.
الثالثة: أنه قد يقول ما لا يتحققه ولا سبيل له إلى الإطلاع عليه، وروي أن رجلاً مدح رجلاً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له عليه السلام " ويحك قطعت عنق صاحبك لو سمعها ما أفلح " ثم قال " إن كان أحدكم لا بد مادحاً أخاه فليقل أحسب فلاناً ولا أزكى على الله أحداً حسيبه الله إن كان يرى أنه كذلك وهذه الآفة تتطرق إلى المدح بالأوصاف المطلقة التي تعرف بالأدلة كقولة إنه متق وورع وزاهد وخير وما يجري مجراه، فأما إذا قال رأيته يصلي بالليل ويتصدق ويحج فهذه أمور مستيقنة. ومن ذلك قوله إنه عدل رضا فإن ذلك خفي فلا ينبغي أن يجزم القول فيه إلا بعد خبرة باطنة. سمع عمر رضي الله عنه رجلاً يثني على رجل فقال: أسافرت معه؟ قال: لا، قال: أخالطته في المبايعة والمعاملة؟ قال: لا. قال: فأنت جاره صباحه ومساءه؟ قال: لا. فقال: والله الذي لا إله إلا هو لا أراك تعرفه.
الرابعة: أنه قد يفرح الممدوح وهو ظالم أو فاسق وذلك غير جائز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى يغضب إذا مدح الفاسق وقال الحسن: من دعا لظالم بطول البقاء فقد أحب أن يعصي الله تعالى في أرضه، والظالم الفاسق ينبغي أن يذم ليغتم ولا يمدح ليفرح.
وأما الممدوح فيضره من وجهين؛
أحدهما: أنه يحدث فيه كبراً وإعجاباً وهما مهلكان. قال الحسن رضي الله عنه كان عمر رضي الله عنه جالساً ومعه الدرة والناس حوله إذ أقبل الجارود بن المنذر، فقال رجل: هذا سيد ربيعة، فسمعها عمر ومن حوله وسمعها الجارود، فلما دنا منه خفقه بالدرة فقال: ما لي ولك يا أمير المؤمنين؟ قال: ما لي ولك أما سمعتها؟ قال: سمعتها فمه، قال: خشيت أن يخالط قلبك منها شيء فأحببت أن أطأطئ منك.
الثاني: هو أنه إذا أنثى عليه بالخير فرح به وفتر ورضي عن نفسه ومن أعجب بنفسه قل تشمره وإنما يتشمر للعمل من يرى نفسه مقصراً. فأما إذا انطلقت الألسن بالثناء عليه ظن أنه قد أدرك ولهذا قال عليه السلام " قطعت عنق صاحبك لو سمعها ما أفلح " وقال صلى الله عليه وسلم " إذا مدحت أخاك في وجهه فكأنما أمررت على حلقه موسى وميضاً وقال أيضاً لمن مدح رجلاً " عقرت الرجل عقرك الله وقال مطرف: ما سمعت قط ثناء ولا مدحة إلا تصاغرت إلى نفسي. وقال زياد بن أبي مسلم: ليس أحد يسمع ثناء عليه أو مدحة إلا تراءى له الشطيان، ولكن المؤمن يراجع، فقال ابن المبارك: لقد صدق كلاهما أما ما ذكره زياد فذلك قلب العوام، وأما ما ذكره مطرف فذلك قلب الخواص. وقال صلى الله عليه وسلم " لو مشى رجل إلى رجل بسكين مرهف كان خيراً له من أن يثني عليه في وجهه وقال عمر رضي الله عنه: المدح هو الذبح. وذلك لأن المذبوح هو الذي يفتر عن العمل والمدح يوجب الفتور، أو لأن المدح يورث العجب والكبر وهما مهلكان كالذبح؛ لذلك شبهه به. فإن سلم المدح من هذه الآفات في حق المادح والممدوح لم يكن به بأس بل ربما كان مندوباً غليه. ولذلك أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة فقال " لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان العالم لرجح وقال في عمر " لو لم أبعث لبعثت يا عمر وأي ثناء يزيد على هذا؟ ولكنه صلى الله عليه وسلم قال عن صدق وبصيرة. وكانوا رضي الله عنهم أجل رتبة من أن يورثهم ذلك كبراً وعجباً وفتوراً. بل مدح الرجل نفسه قبيح لما فيه من الكبر والتفاخر إذ قال صلى الله عليه وسلم " أنا سيد ولد آدم ولا فخر أي لست أقول هذا تفاخراً كما يقصد الناس بالثناء على أنفسهم. وذلك لأن افتخاره صلى الله عليه وسلم كان بالله وبالقرب من الله لا بولد آدم وتقدمه عليه؛ كما أن المقبول عند الملك قبولاً عظيماً إنما يفتخر بقبوله إياه وبه يفرح لا بتقدمهعلى بعض رعاياه. وبتفصيل هذه الآفات تقدر على جمع بين ذم المدح وبين الحث عليه قال صلى الله عليه وسلم " وجبت لما أثنوا على بعض الموتى. وقال مجاهد: إن لبني آدم جلساء من الملائكة فإذا ذكر الرجل المسلم أخاه المسلم بخير قالت الملائكة: ولك بمثله، وإذا ذكره بسوء قالت الملائكة: يا ابن آدم المستور عورتك أربع على نفسك واحم الله الذي ستر عورتك. فهذه آفات المدح.