ويشيد جودت سعيد عادة بالجاحظ وابن المقفع، وهما من أئمة الزندقة والبدع كما حكى العلماء، فيقول: "ويزداد الإنسان إعجاباً بأقوال ابن المقفع حول الملك (السياسة) ززز ويقول: "والجاحظ له مقام في الحضارة الإسلامية، يتألق نجمه على مرّ الزمنزز كان يتذوق مع آيات الكتاب: آيات الآفاق والأنفسززز وهو وإن كان إماماً في الأدب، إلاّ أنه صاحب مذهب في العقيدة أيضاً" (ج26د).
3ـ الانتقاص من السلف الصالح ومن أهل السنة وعلمائهم ومذهبهم، يقول الأستاذ البسيوني في بيان حال هؤلاء العصرانيين: ""وكلما كنت مستمسكاً ومنافحاً عن التراث، منادياً، بشمولية الإسلام، كنت (سلفيّاً)، وإن أعدى أعدائهم، وعمى عيونهم في المناهج السلفية الاتباعيةززز وهي عندهم قرينة لخراب الدنيا، ونذير بيوم تحل فيه الغمّة" (ج27د).
وينتقص محمد عمارة من إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله ومن منهجه وأتباعه للسنة فيقول: " ززز ولقد بلغ من اتباع ابن حنبل للنصوص والمأثورات و ولها وحدها و الحد الذي جعله لا يرجح و بالرأي أو العقل أو القياس و مأثورة على أخرى عندما تتعدد وتتضارب وتتعارض المأثورات في الأمر الواحد والقضية الواحدة و فكان يفتي بالحكمين المختلفين لأن لديه مأثورتان مختلفتان في الموضوع! (ج28د).
ويطالب جودت سعيد بعدم اتباع السلف الصالح في منهجهم وتفكيرهم و قائلا: " على المسلم أن لا يضع الآباء المسلمين، المتقدمين منهم والمتأخرين مكان القواعد والسنن، مهما أحسنّا الظن فيهم " ويقول: " وربما كان ما أصيب به المسلمون من الجمود على رأي الآباء، أقوى من جمود غيرهم من الأقوام، لأن الآباء حلّوا محل الآيات، سواء آيات الكتاب،أو آيات الآفاق والأنفس " (ج29د).
4ـ تشويه تاريخ المسلمين وجهادهم وفتوحاتهم، والإساءة إلى كل الدول التي قامت بعد عصر الخلفاء الراشدين وفتوحاتها، بل وطالت إساءاتهم حتى عصر الراشدين رضي الله عنهم.
فيعتبر دز عمارة أن حروب الردة لم تكن دينية، وإنما كانت في سبيل الأمر والسلطان والتوسعز ويدّعي أيضاً أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان رائد التمييز بين السياسة والدين! مع معارضة جمهور الصحابة له، وأنه بنى الدولة الإسلامية على هذا التمييز (ج30د).
ويقول خالص جلبي: "إن السيف الأموي في الأندلس، والمدفع العثماني في البلقان يصلح تفسيراً لانحسار الإسلام عن أوروبا، لأنه لم يكن انتشاراً على منهج النبوة، بل اجتياحاً عسكرياً، ونسميه إسلاميّاً" (ج31د).
5ـ الثناء على بعض المذاهب المنحرفة وإبراز الحركات الثورية والمتمردة، التي تمردت على دول الخلافة الإسلامية وإظهار هذه الحركات "في قوالب تميل إلى إظهار أصحاب هذه الحركات في ثياب الإبداع الحضاري والعطاء الإنساني، بينما وضع (أي الدكتور عمارة) مخالفيهم في قائمة السلطوية أو الرجعية أو النصوصية" (ج32د).
ويرى دز عمارة أن حركة الخوارج كانت التجسيد الحي لحرارة القيم الثورية التي جاء بها الإسلامز كما يرى أن حركة القرامطة كانت نزوعاً عربيّاً نحو إقامة كيان عربي يكتسب ملامحه القومية بمرور الأيام، وأن جماعة إخوان الصفا الإسماعيلية، كانت حركتهم ثورية أنبتتها التربة العربية كرد فعل للظلم الاجتماعي والسياسي، وللإرهاب الذي شنته السلطات الإقطاعية ضد كل ما هو متقدم في الحياة" (ج33د).
كما اعتبر دزعمارة أن الاشتراكية هي التطبيق الأمثل للإسلام، ويقول: "إننا إذا شئنا أن نقوّم هذه التجربة، فلن نجد أكثر دقة ومطابقة للواقع من أن نقول عنها إنها محاولة جادة ومخلصة وعملاقة لتطبيق أفكار الاشتراكية" (ج34د.
6ـ إنكار بعض المعجزات النبوية وكرامات الصالحين وبعض الغيبيات، أو تأويلها تأويلاً يأباه النص كموقفهم من نزول المسيح عيسى ـ عليه السلام ـ والملائكة والجن، والطير الأبابيل، وظهور الدجال في آخر الزمان (ج35د).
"وما تفسير الشيخ محمد عبده لإهلاك أصحاب الفيل بوباء الحصبة أو الجدري الذي حملته الطير الأبابيل، إلاّ من هذا القبيل" (ج36د).
7ـ تمجيد الحضارة الغربية ومفكريها، وبعض النظريات الوضعيةز يقول دز خالص جلبي: "حضارة الغرب اليوم ليست مادية فقط كما ندّعيززز ونحن لسنا في حضارة روحية تحلق في السماءززز فكل حضارة تقوم على مجموعة من القيم، والحضارة الغربية (اليوم) لا تخرج أو تشذ عن هذا القانون" (ج37د).
وينقل جودت سعيد عن المؤرخ توينبي (في كتاب تاريخ البشرية) قوله: "في فترة لا تتجاوز خمسة أجيال فقط، ظهر خمسة من كبار الحكماء في العالم القديم (زرادشت، بوذا، كونفوشيوس، فيثاغورس، وإشعيا الثاني أحد أنبياء بني إسرائيل).
ويعلق جودت سعيد على كلام توينبي السابق، ويقول: "ولا يزالون حتى اليوم يؤثرون في الإنسانية مباشرة، أكثر من أي كائن بشري حي" (ج38د) ز
8ـ تبني مذهب "اللا عنف" الذي يعني ضمناً إلغاء الجهاد، والاقتصار على الوسائل "السلمية" في مواجهة الظلم، ويعتبر جودت سعيد، أبرز الدعاة لهذا المبدأ، وكذلك تلميذه خالص جلبي، وهما دائما الإشادة بالزعيم الهندي غاندي، ولمنهجه في تجنب محاربة الاستعمار البريطاني للقارة الهندية.
يقول خالص جلبي: "لقد أدرك غاندي بالتجلي العبقري، الروح السلمية أنه لن يقود شعبه لمواجهة خصمه قبل أن يحرره من المرض النفسي الداخليز وعندما غادر البريطانيون شبه القارة الهندية، ودّعوها أصدقاء بدون كراهية!
وكان استقلال الهند نموذجاً عجيباً من الوداع الحبي أو على حد تعبير غاندي يومها: أيها السادة حان وقت رحيلكم! وما زالت الهند تنعم بشيء من روح الديمقراطية، وكله من بقايا روح المهاتما غاندي العظيمة" (ج39د) ز
ــــــــــــــــــــــ
العدد السادس والثلاثون من مجلة الراصد جمادي الثانية 1427