ووافقه على ذلك أيضًا تقي الدين السبكي فقد سَأَلَ ابن السبكي الإمام الذهبي عن من يقدم: الإمام مسلم أو النسائي، فقدم الذهبي النسائي فأخبر ابن السبكي أباه تقي الدين السبكي عبد الوهاب بن عبد الكافي، فقال له: صدق النسائي مقدم على مسلم ... تَقَدم في ترجمة الإمام النسائي أنه أحد الأئمة المعدودين من أئمة الإسلام، وأنه من النقاد الأوحد الذين يُقرنون بالإمام البخاري، وأبي زرعة، وابن المديني، وأمثالهم من أفذاذ العلماء الذين يُعَدُّون بالأصابع، فهو: إمام في النقد، إمام في علم الحديث، إمام في تمييز صحيح السنة من سقيمها، إمام في اكتشاف خفايا علل الأحاديث؛ هذه مزايا اجتمعت في هذا الإمام.
ومع هذه المزايا أيضًا اجتمع فيه أنه إمام في الفقه، له قدرة تشبه قدرة الأئمة المجتهدين في قوة الاستنباط واستخراج الأحكام الخفية من نصوص الشريعة، لذلك كان من الطبيعي أن يظهر أثر هذا العلم الواسع الجليل على كتاب هذا الإمام؛ التبريز في علم الحديث، وأيضًا في علم الفقه، فهو مُبَرِّز في كلا العلمين، وهذا ما جعل كتاب النسائي شاملًا لكلا العلمين؛ علم الحديث والصناعة الحديثية والدقة في ذلك وأيضًا الدقة في الاستنباطات الفقهية ... فجاء الإمام النسائي وجمع بين الحُسْنَيَيْن، وهذا مما يتميز به النسائي، حتى أن تعبير أحد العلماء وهو ابن رُشَيْدٍ يقول: " إنه أبدع الكتب المصنفة في السنن تصنيفًا، وأحسنها توصيفًا، وهو جامع بين طريقتي البخاري ومسلم، مع حظ كبير من بيان العلل التي كأنها كهانة من المتكلم "
وعبر السخاوي عن ذلك تعبيرًا فيه نوع من المجاز واللَّطافة، قال: " زاحم البخاري ومسلم في طريقتيهما "
يعني: كأن النسائي أراد أن يجعل كتابه في مَصَافِّ أَجَلِّ كتابين عرفتهما هذه الأمة وهما صحيحا البخاري ومسلم ....
ولذلك فقد وصف السنن – سنن النسائي – جماعة من العلماء من كبار الأئمة بأنه الصحيح، أطلقوا عليه بأنه الصحيح، ومن هؤلاء الدارقطني، حتى أن ابن طاهر المقدسي لَمَّا نقل عبارة الدارقطني في وصف " المجتبى " بأنه الصحيح قال: " وكفى بوصف هذا الإمام – الدارقطني – بهذا الكتاب بالصحة " لأن الدارقطني إمام يُقرن بالبخاري في علم العلل ولم يأتِ بعده مثله في علم العلل أبدًا فعلًا.
فمنهم: الدارقطني، وابن منده الإمام المشهور صاحب كتاب " الإيمان والتوحيد " وكتب كثيرة، له كتاب اسمه " شروط الأئمة " ذكر فيه هذا الكلام، ووصف سنن النسائي " المجتبى " بأنه الصحيح، وأبو علي النيسابوري وهو أيضًا مذكور من تلامذة النسائي قبل هذه المرة ومن كبار الحفاظ، وابن السكن، وابن عدي صاحب " الكامل "، والخطيب، وأبو طاهر السِّلَفي، والخليلي، وأبو الحسن المَعَافِري، والذهبي في " الكاشف " لَمَّا ترجم للنسائي قال: " صاحب الصحيح " في " الكاشف "، وأقرهم السخاوي.
بل عندي نَقْلٌ جيد جدًّا دلني عليه أحد الإخوان، مُدَرِّس في الطائف اسمه: عبد الرحمن الغامدي، دَلَّنِي عليه، موجود في " تنزيه الشريعة المرفوعة " لابن عِرَاق الكناني؛ ابن عِرَاق أو ابن عَرَّاق، الصحيح أنه ابن عِرَاق الكناني، يقول ابن عِراق: " رأيت بخط الحافظ ابن حجر على هامش مختصر الموضوعات لابن دَرْبَاس ما نَصُّه ".
انظر كلام الحافظ ابن حجر!! يُقَرِّر فيه ما كنتُ ذكرتُه لكم آنفًا، ذكر حديثًا كان قد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " فتعقبه الحافظ ابن حجر بأنه ليس بموضوع، فقال في أثناء هذا التَّعَقُّب: " حديث أبي أمامة هذا أخرجه النسائي ولم يُعَلِّنْه وذلك يقتضي صحته ").
ـ[عبد الرحمن السبيعي]ــــــــ[31 - 01 - 09, 11:41 م]ـ
بارك الله فيك يابو عبد الرحمن ..
ـ[أبو عبد الرحمن بن حسين]ــــــــ[01 - 02 - 09, 02:26 م]ـ
و بارك فيك يا أخي
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[14 - 05 - 09, 02:23 ص]ـ
للفائدة.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[14 - 05 - 09, 07:27 ص]ـ
بارك الله فيكم.
لعل تقديم جامع الترمذي أولى لأنه كتاب جامع.
والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[03 - 08 - 09, 01:47 م]ـ
بارك االله فيكم أخي علي.
والشيخ المُحدّث "عبدالله السعد" يُقدّم سنن النسائي لمن أراد الفقه والحديث "لأنه أصح من غيره".
ويُقدّم جامع الترمذي لمن أراد تعلّم الصنعة الحديثية.