[من المقصود بأبي محمد في كتاب المحلى لبن حزم]
ـ[الطائفي ابو عمر]ــــــــ[13 - 07 - 08, 12:01 م]ـ
قال أبو محمد: مَا نَعْلَمُ أَنَّهُ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، إسْقَاطُ فَرْضِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ , وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَبِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، كَانَ النَّاسُ يَأْتُونَ الْجُمُعَةَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَمِنْ الْعَوَالِي فَيَأْتُونَ فِي الْعَبَاءِ وَيُصِيبُهُمْ الْغُبَارُ فَيَخْرُجُ مِنْهُمْ الرِّيحُ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِي , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا وَعَنْهَا أَيْضًا كَانَ النَّاسُ أَهْلَ عَمَلٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ كُفَاةٌ , فَكَانَ يَكُونُ لَهُمْ تَفَلٌ فَقِيلَ لَهُمْ لَوْ اغْتَسَلْتُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , وَبِحَدِيثٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنْبَأَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لاَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , وَلَكِنْ كَانَ أَصْحَابُهُ يَغْتَسِلُونَ. وَبِحَدِيثٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّمَا اغْتَسَلَ وَرُبَّمَا لَمْ يَغْتَسِلْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَبِحَدِيثٍ آخَرَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ خَيْرٌ لِمَنْ اغْتَسَلَ , وَمَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ , وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ بَدَأَ الْغُسْلُ , كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ , وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيِّقًا مُقَارِبَ السَّقْفِ , فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمٍ حَارٍّ وَعِرَقَ النَّاسُ فِي الصُّوفِ حَتَّى ثَارَتْ مِنْهُمْ رِيَاحٌ آذَى بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , فَلَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّيحَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ فَاغْتَسِلُوا وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ طِيبًا , أَفْضَلَ مَا يَجِدُ مِنْ دُهْنِهِ وَطِيبِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ جَاءَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ , وَلَبِسُوا غَيْرَ الصُّوفِ , وَكُفُوا الْعَمَلَ , وَوَسَّعُوا مَسْجِدَهُمْ , وَذَهَبَ بَعْضُ الَّذِي كَانَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ الْعَرَقِ ". وَبِحَدِيثٍ عَنْ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ. وَمَثَلُهُ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ عَنْهُ عليه السلام نَصًّا.
وَكَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ ,
وَمِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ عَنْهُ عليه السلام , وَمَثَلُهُ نَصًّا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ , وَمَثَلُهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي الْعَلاَءِ. وَهَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ , وَكُلُّهُ لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لاَِنَّ كُلَّ هَذِهِ الآثَارِ لاَ خَيْرَ فِيهَا , حَاشَا حَدِيثِ عَائِشَةَ وَعُمَرَ فَهُمَا صَحِيحَانِ , وَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِمَا عَلَى مَا سَنُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. أَمَّا حَدِيثُ الْحَسَنِ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَمُرْسَلاَنِ , وَكَمْ مِنْ مُرْسَلٍ لِلْحَسَنِ لاَ يَأْخُذُونَ بِهِ , كَمُرْسَلِهِ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الضَّحِكِ فِي الصَّلاَةِ , لاَ يَأْخُذُ بِهِ الْمَالِكِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ , وَكَمُرْسَلِهِ إنَّ الأَرْضَ لاَ تَنْجُسُ لاَ يَأْخُذُ بِهِ الْحَنَفِيُّونَ ,
¥