تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل يجوز الرهان في سباقٍ للخيل أو الإبل؟ وما صورته وأدلّته؟

ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[01 - 08 - 08, 07:23 م]ـ

وجزاكم الله خيراً.

ـ[أبو السها]ــــــــ[03 - 08 - 08, 03:27 م]ـ

قسم أهل العلم المسابقات والمغالبات إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما يجوز بعوض وبدون عوض، وهو المسابقة في الإبل والخيل والسهام، ويدل لذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا سَبَقَ إلا في خف أو نصل أو حافر) وهذا الحديث حديث صحيح أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد.

فقوله: (لا) لا نافية للجنس و (سَبَقَ) نكرة في سياق النفي، ومعنى (سَبَقَ) معناها ماذا؟ معناها العوض، مقصود السبق: العوض، إلا في هذه الأمور الثلاثة، يعني أنه لا يجوز أن يبذل العوض بين المتسابقين إلا في هذه الأمور الثلاثة (إلا في خف أو نصل أو حافر).

(إلا في خف) المراد بذلك الإبل.

(أو نصل) المراد بذلك السهام.

(أو حافر) المراد بذلك الخيل.

فكأن المعنى أنه لا تجوز مسابقة بعوض إلا في الإبل والخيل والسهام

.....

ألحق بعض أهل العلم بالقسم الأول، وهو ما يجوز بعوض وبدون عوض -ما كان فيه إظهار لأعلام الإسلام وأدلته وبراهينه، يعني ما كان فيه تحدٍ وإظهار لأعلام الإسلام وأدلته وبراهينه، كالمناظرات مثلاً، المناظرات مع القسيسين والرهبان والأحبار ونحو ذلك، هذه تجوز مطلقًا سواءً كانت بعوض أو بدون عوض، وقد نصر هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم -رحمهما الله تعالى- واستدل أصحاب هذا القول بما جاء في سنن الترمذي بسند صحيح عن نيار بن مكرم الأسلمي قال: لما نزلت {الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين} فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم لأنهم وإياهم أهل كتاب وفي ذلك قول الله تعالى {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم} فكانت قريش تحب ظهور فارس لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث فلما أنزل الله تعالى هذه الآية خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه يصيح في نواحي مكة {الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين} قال ناس من قريش لأبي بكر فذلك بيننا وبينكم زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارسا في بضع سنين أفلا نراهنك على ذلك قال بلى وذلك قبل تحريم الرهان فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان وقالوا لأبي بكر كم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين فسم بيننا وبينك وسطا تنتهي إليه قال فسموا بينهم ست سنين قال فمضت الست سنين قبل أن يظهروا فأخذ المشركون رهن أبي بكر فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين لأن الله تعالى قال في بضع سنين قال وأسلم عند ذلك ناس كثير قال هذا حديث صحيح حسن غريب من حديث نيار بن مكرم لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد .....

يقول: (إن كان السبق من أحدهم) أحد هذين المتسابقين، ويعني المؤلف بهذا مسابقة الخيل والإبل والسهام، إن كان السبق أو الجعل من أحدهما فسبق المخرِج أو أنهما جاءا معًا فإنه يحرز سبقه ولا شيء له سواه، يعني يأخذ جائزته، أما إن سبق الآخر أخذه، هذا إذا كان الجعل أو السَبْق من واحد منهما.

(وإن أخرج جميعًا لم يجز إلا يدخل بينهما محللاً يكافئ فرسُه فرسيهما، أو بعيرُه بعيرهما أو رميُه رمييهم).

المؤلف أخذ بهذا القول وهو قول الجمهور، وهو أنه إذا دفع المتسابقان في مسابقة الإبل والخيل والسهام وبذلا سبقًا وعوضًا فلابد من المحلل، ما معنى المحلل؟ المحلل ثالث يكون معه فرس أو يكون معه إبل ولا يخرج شيئًا، وإنما يدخل معهما في السباق، فإن سبق أخذ سبقيهما، وإن سبقاه أحرز سبقهما، يعني هو يدخل معهما إن سبق أخذ الجائزة، وإن لم يسبق ما عليه شيء، هذا يسميه الفقهاء بالمحلل، وهنا اشترط المؤلف إذا كان السَبْق وهو العوض من المتسابقين في مسابقة الخيل والإبل والسهام -وجود هذا المحلل، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة فالجمهور ومنهم فقهاء الحنابلة اشترطوا المحلل في مسابقة الخيل والإبل والسهام إذا كان بذل العوض من المتسابقين، وقالوا: لأن فيها شبهة قمار وميسر فلابد من إدخال هذا المحلل حتى تزول هذه الشبهة، واستدلوا على ذلك بهذا الحديث الذي ساقه المؤلف، وهو ما يروى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أدخل فرسًا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فليس بقمار، ومن أدخل فرسًا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار) وهذا الحديث أخرجه أبو داود في سننه، لكنه حديث ضعيف من جهة السند، وحينئذ فإنه لا يحتج به.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم اشتراط المحلل، وأنه تجوز المسابقة بعوض مطلقًا في الخيل والإبل والسهام، وقد نصر هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم -رحمهما الله تعالى- وقال شيخ الإسلام: «ما علمت بين الصحابة خلافًا في عدم اشتراط المحلل» ويقال: إن أول من قال باشتراط المحلل هو سعيد بن المسيب وتلقاه الناس من بعده، وإلا فالصحابة مع كثرة تناضلهم وكثرة مسابقاتهم لم يُنْقَل عن صحابي واحد أنه اشترط المحلل، قال ابن القيم: «والقول بالمحلل مذهب تلقاه الناس عن سعيد بن المسيب، وأما الصحابة فلا يحفظ عن أحد منهم أنه اشترط المحلل ولا رهن به مع كثرة تناضلهم ورهانهم، بل المحفوظ عنهم خلافه» وهذا هو القول الراجح في المسألة: عدم اشتراط المحلل، وأن ما يذكره بعض الفقهاء من اشتراط المؤلف فهو مبني على حديث ضعيف، وهو الحديث الذي ذكره المؤلف، وهو حديث لا يصح ولا تقوم به حجة، وحينئذ يكون هذا القول لا دليل له، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أطلق وقال: (لا سَبَقَ إلا في خف أو نصل أو حافر) وحينئذ فليس هناك دليل يدل على اشتراط المحلل، فالصواب أنه لا يشترط المحلل كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم -رحمهما الله تعالى-. (فضيلة الشيخ/ سعد بن تركي الخثلان)

http://www.islamacademy.net/index.aspx?function=Item&id=3586&lang=

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير