تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من بدع شعبان]

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[04 - 08 - 08, 11:20 م]ـ

الحمد لله، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم وسلم، وبعد:

لقد أحدث ناس محدثات ليست من هدي الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، منها اعتقاد أن العبادات في شعبان لها فضل على بقية أيام العام؛ لكن شيء لم يثبت بأدلة شرعية لم يجُز لأي مسلم الإقدام عليه كما هو معلوم ضرورة.

عن بدع شعبان، قال العجلوني في كشف الخفاء: "لا يصح في صلاة الأسبوع شيء، وفي ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة بالإخلاص عشر مرات باطل، وكذا ركعتان بإذا زلزلت خمس عشرة مرة لا أصل له، وفي رواية خمسين مرة، والكل منكر باطل، وقبل الجمعة أربع ركعات بالإخلاص خمسين مرة لا أصل له، وكذا صلاة عاشوراء، وصلاة الرغائب موضوع بالاتفاق، وكذا صلاة ليالي رجب، وليلة السابع والعشرين من رجب، وليلة النصف من شعبان مائة ركعة في كل ركعة عشر مرات الإخلاص، ولا يغتر بذكر ذلك في قوت القلوب وإحياء علوم الدين وتفسير الثعلبي وغيرهم".

يمكن لنا – باختصار - حصر بدع شعبان التي عمت بها البلوى وأحاديثها وكلام أهل العلم فيها فيما يلي:

1/ تخصيص شعبان كله بالصيام: ولم يوجد فيه لا حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف ولا أثر يستند عليه، وهذا أقوى أسباب رد هذا العمل وبطلانه، وفي حديث مرسل عن ابن عباس أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ما صام شهرا متتابعا إلا رمضان منذ قدم المدينة.

وربما اتكأ أحدهم على حديث "فضل شعبان على سائر الشهور كفضل محمد على سائر الأنبياء"، قال فيه ابن حجر: لا أصل له، اختلقه أبو البركات السقطي ...

2/ تخصيص يوم النصف منه بالصيام: وفيه حديث أخرجه ابن ماجة والبيهقي: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها"، الحديث مكذوب لأنه من طريق ابن أبي سبرة، قال فيه أحمد وابن معين: يضع الحديث.

3/ الاحتفال بليلة النصف من شعبان: إما بالاجتماع على عبادات، أو إنشاد قصائد ومدائح، أو بإطعام واعتقاد ذلك سنة واردة، وأصل العمل بهذا تقليد المشايخ؛ هذه الاحتفالات تردها النصوص العامة التي تنهى عن إحداث العبادات، قال الإمام أبو بكر الطرطوشي المالكي في كتابه "الحوادث والبدع": "ما أدركنا أحدا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلا على ما سواها".

4/ صلاة الألفية: وتسمى أيضا صلاة البراءة؛ جاء فيها: "يا علي من صلى ليلة النصف من شعبان مائة ركعة بألف قل هو الله أحد قضى الله له كل حاجة طلبها تلك الليلة ... " قال في كتاب المنار المنيف: "والعجب ممن شم رائحة العلم بالسنن أن يغتر بمثل هذا الهذيان ويصليها!! وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة: "هو موضوع ... ورجاله مجهولون وقال السيوطي في اللآلئ: "مائة ركعة في نصف شعبان بالإخلاص عشر مرات ... موضوع، وجمهور رواته مجاهيل وضعفاء".

5/ صلاة أربع عشرة ركعة أو اثنتي عشرة ركعة (صلاة الرغائب) أو أو ست ركعات: قال الإمام النووي في المجموع: "الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وهي: اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان، ولا يغتر بذكرهما في "قوت القوب" و"إحياء علوم الدين" ولا بالحديث المذكور فيهما فإن كل ذلك باطل ... " وقال في اللآلي: " ... واثنتا عشرة ركعة بالإخلاص ثلاثين مرة موضوع، وأربع عشرة موضوع ... وقد رويت صلاة هذه الليلة على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة ... قال الحافظ العراقي: "حديث صلاة النصف من شعبان موضوع على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

6/ تخصيص ليلة النصف من شعبان بصلاة التسابيح: وقد اختلف أهل العلم في الحكم على هذه الصلاة ما بين تكذيب (كابن تيمية في المنهاج) وتضعيف (كابن العربي في العارضة) وتحسين (كالنووي وابن حجر) وتصحيح (وهم جم غفير من المحدثين والحفاظ)، ومنهم من توقف، أما تخصيص ليلة النصف من شعبان بها فباطل، قال العجلوني: "وهذه الأبواب لم يصح فيها شيء أصلا".

7/ تخصيص ليلة النصف من شعبان بعبادة: منها صلاة العشاء بقراءة سورة يس، أو بقراءة بعض السور بعدد مخصوص كسورة الإخلاص، أو الدعاء المشهور على ألسنة العامة وصلاة ركعتين قبله، أو الاعتمار، أو تخصيص نهارها بالتصدق، أو اعتقاد أن ليلة النصف من شعبان كليلة القدر وغيرها، كلها لا يصح فيها ولا دليل، جاء فيها:

"من أحيا ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب" قال ابن الجوزي في العلل المتناهية: هذا حديث لا يصح عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفيه آفات.

حديث "من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة؛ ليلة التروية، وليلة عرفة، وليلة النحر، وليلة الفطر، وليلة النصف من شعبان"، في سنده عبد الرحيم بن زيد العمي؛ قال يحيى: كذاب، وقال النسائي: متروك.

وفي "الحوادث والبدع": "قيل لابن أبي مليكة: إن زيادا النميري يقول إن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر. فقال: لو سمعته وبيدي عصا لضربته". والله أعلم وأحكم

...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير